إنتاج نباتي – دروس

المتطلبات المائية لزراعة المحاصيل الصيفية

1.5
(2)

يعد الماء بأشكاله المختلفة من العوامل المهمة المؤثرة في نمو النبات وتطوره وإنتاجه، وذلك لأن الماء يلعب دوراً حساساً ورئيساً في كل مرحلة من مراحل نمو النبات، ابتداء من مرحلة الإنبات وانتهاء بمرحلة تكوين الثمر. فالماء لا يدخل في تكوين خلايا النبات فحسب وإنما يذيب المواد الموجودة فيها([1])، ويقوم أيضاً بدور الوسيط في نقل المواد العضوية وغير العضوية وتحليل الأملاح المعدنية التي تمتص من قبل الجذور إلى مختلف أجزاء النبات ومن غير الماء لا يستطيع النبات القيام بالعمليات الحيوية، ولهذا عندما يقل الماء عن الحد الأدنى يتعرض النبات للأضرار،ويتسبب بإغلاق مسامات أوراق النبات وانكماشها وتباطؤ نموها وأثمارها، ومن ثم تؤدي إلى تقليل التبخر-النتح مما يؤدي اختلالاً في العمليات الحيوية والفسيولوجية للنبات([2]).

وليس أدل على أهمية كمية الأمطار الساقطة في حياة النبات، إذ تعد من أهم المصادر لسد احتياجات النبات المائية، إذ يشكل الماء نسبة كبيرة من وزن النبات الطري، فنسبة الماء تختلف من نسيج إلى آخر ومن نبات إلى آخر، إلا أنه عموماً يدخل الماء بنسبة 90% من وزن محاصيل الخضر الطرية بينما يدخل الماء بنسبة 95% من وزن البطيخ والرقي والفاكهة([3]).تستمد النباتات حاجتها للماء من التربة، ولهذا تعد رطوبة التربة Soil Moisture المصدر الرئيس للنبات،وتنحصر كمية الماء الصالحة للامتصاص بين نقطة الذبول(*) Wilting Point والسعة الحقلية(*)Field Capacity وتختلف كمية المياه الصالحة للامتصاص باختلاف نسيج التربة وقوامها([4]). فعند مقارنة معدلات نمو النبات في ثلاثة أنواع من الترب (الرملية والطينية والملحية) يلحظ أن معدلات النمو في الأراضي الرملية تستمر تقريباً حتى نقطة الذبول، أي أن النباتات تستطيع أن تستفيد من معظم الماء في المدى الواقع بين السعة الحقلية ودرجة الذبول الذي يكون موجوداً بين المسافات البينية لجزيئات التربة ملتصقاً على سطح دقائق الرمل بفعل قوة الشد السطحي، بينما في الأراضي الطينية تبدأ معدلات النمو بالهبوط عندما يفقد 50% من الماء الصالح للامتصاص، أما الأراضي الملحية فإن معدلات النمو تقل حتى ولو كانت التربة تحتوي على مياه لحد سعتها الحقلية وذلك بسبب الضغط الأزموزي([5])(**).

وقد تؤثر رطوبة التربة العالية في نمو المحاصيل إذ تلحق أضراراً كبيرة بالمحصول و تكون البيئة ملائمة لاحتضان الأمراض والآفات الزراعية، فارتفاع درجات الحرارة مع الرطوبة يعمل على اختلال التوازن المائي داخل النبات وزيادة النتح منها([6])، وإذا كانت رطوبة التربة عنصراً حيوياً للنبات، فكذلك الرطوبة الجوية، إذ كلما كانت نسبتها مرتفعة في الجو قلت أو انخفضت عملية التبخر-النتح للمحاصيل المدروسة، ومن ثم قلت الاحتياجات المائية لها، وهذا يؤثر في قلة المياه المطلوبة، بينما يسهم انخفاض نسبتها في الجو مع الارتفاع في معدلات درجات الحرارة في زيادة معدلات الضائعات المائية وزيادة عملية التبخر-النتح([7]). وكذلك الأمطار، لذا تعد دراسة ظاهرة التبخر-النتح دراسة متممة لدراسة الأمطار، فليست كمية الأمطار الساقطة وحدها بل بمدى فاعليتها وهذا يتوقف على مقدار الفاقد من هذه المياه بالعملية المذكورة والتسرب أو على توزيعها الفصلي([8])، وعليه يمكن القول إن الماء بجميع أشكاله يلعب دوراً أساسياً في نمو المحاصيل الزراعية وإنتاجها ، ولكن ليس بمقدور النبات الحصول على فوائد إلا عن طريق استخدام قطرات الماء الصغيرة التي تصل إلى التربة المحيطة بجذوره، سواء كان ذلك عن طريق المطر أو السقي أو أي شكل من أشكال الترطيب.

وتعرف بعملية الاستهلاك المائي للمحصول .

المراجع

([1]) يوسف عبد المجيد فايد، جغرافية المناخ والنبات، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، 1973، ص295 .

([2]) أ.س.جودي.ج.س ولكنسون، بيئة الصحاري الدافئة، ترجمة علي علي البنا، ط2، 1985، ص50 .

([3])الشيخ طه حسن، المياه والزراعة والسكان، ط1، منشورات علاء الدين، 2003، ص60 .

(*) نقطة الذبول هي النقطة التي لا يكون عندها الماء في التربة قابلاً للاستعمال بوساطة النبات ويوجد نوعان من الذبول هما الذبول الدائم وتعرف على أنها نسبة الرطوبة الموجودة في التربة والتي تذبل عندها النباتات بصفة مستمرة ، حيث لا تستطيع النباتات الحصول على احتياجاتها من الماء وتموت الخلايا ولا يستمد النبات حيويته حتى لو وضع في جو مشبع  ببخار الماء بينما النوع الاخر نقطة الذبول الظاهري أو المؤقت فهو مايحدث للعديد من نباتات المحاصيل  في الايام الحارة الجافة وخاصة في وقت الظهيرة حيث يزداد الاحتياج للمياه عن ماهو متوافر بالتربة إلا أن النباتات تستعيد حيويتها بعد انخفاض درجة الحرارة.

أنظر: محمد حسن عامر دليل الصرف الزراعي ، وزارة الموارد المائية والري ، الهيئة العامة لمشروعات  الصرف ، ط1 ، 2003 ، شباط ، ص72.

(*) السعة الحقلية: هي امتلاء المسام الشعرية للتربة بالماء الشعري، وتكون التربة في أحسن أحوالها عندما تكون دون هذه السعة بقليل، حيث يتمدد الأوكسجين ويكون متيسراً لتنفس أحيائها ولعمليات الأكسدة، كما تخرج الغازات غير المرغوب فيها إلى الغلاف الغازي.

أنظر:إبراهيم إبراهيم شريف، علي حسين الشلش، جغرافية التربة، مصدر سابق، ص55.

([4]) أدهم سفاق، المناخ والأرصاد الجوية، مصدر سابق، ص167 .

([5]) طه رؤوف شير محمد، دور الجفاف في تردي التربة والزراعة في الأقاليم الجافة مع تركيز خاص على الهضبة الصحراوية في العراق، من بحوث المؤتمر الجغرافي الأول، جامعة الأنبار، 1993، ص1-3.

(**) الضغط الأزموزي: هو نوع من الضغط المسلط على الأجسام الحية بسبب عدم تكافؤ في تركيز الأملاح في جهتي غشاء الخلية فيتحرك الماء عادة من الجهة ذات التركيز المحلي الأقل إلى الجهة ذات التركيز المحلي الأعلى.

([6]) فتنة محمد حسن، علاقة التربة بالماء والنبات، مصدر سابق، ص131-132.

([7]) علي صاحب الموسوي، العلاقات المكانية للعناصر المناخية وأثرها في اختيار أسلوب وطريقة الري، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب، جامعة بغداد، 1996، ص145-146.

([8]) علي علي البنا، المناخ والأرصاد الجوية، مصدر سابق، ص25.

المصدر :

أشواق حسن حميد صالح 2009 . أثر المناخ على نمو و إنتاجية المحاصيل الصيفية في محافظة كربلاء .

ما مدى فائدة هذا المنشور؟

انقر على نجمة للتقييم!

متوسط التقييم 1.5 / 5. عدد الأصوات: 2

لا توجد أصوات حتى الآن! كن أول من يقيم هذا المنشور.

السابق
أهمية العلف المحبب في تغذية الدواجن Interet de l’aliment granulé en aviculture
التالي
الاستهلاك المائي لبعض المحاصيل الصيفية

اترك تعليقاً