مقالات

إستراتيجية الاستجابة الدائمة لإنتاج الغذاء في الجزائر

4.5
(23)

أولت الجزائر اهتماماً بالقطاع الزراعي وبتنمية عالم الريف منذ الاستقلال لكون الزراعة وتطوير الريف أكثر النشاطات ارتباطًا بتأمين الغذاء،وأهم التجارب في ذلك مااصطلح عليه بالثورة الزراعية، فقد شكلت الثورة الزراعية في بداية سبعينيات القرن 20أهم إصلاح تنموي زراعي والذي استصدر استجابةً لتطلعات الإرادة السياسية وقتها ولتطلعات النسبة الكبيرة من السكان يومها،بغرض تنمية المناطق الريفية وإصلاح الخلل في التفاوت الطبقي وخلق شروط زيادة الإنتاجية الزراعية واستصلاح الأراضي والتثمين الاقتصادي لأنظمة الإنتاج و الأنشطة الزراعية بما يسمح بتحسينِ وتوسيع مداخيل السكان، إلى جانب تمكين السكان منالاستقرار في الريف، إلا أن القطاع الزراعي ظل رهين إصلاحات ظرفية متعاقبة شهدت الانسحاب التدريجي للقطاع العام من تسيير دواليب القطاع، وبقي الإنتاج الزراعي حبيس التقلبات المناخية، وفقر الأراضي المتاحة وندرة المياه و ضعف التحكم التقني والهشاشة الهيكلية مما جعل سكان الريف على حافة الإفقار- رغم وجود بعض المناطق شديدة الجذب لتوفرها على الظروف الملائمة للزراعة بإمكانها أن تزيد من مداخيل السكان وتجعلهم في مأمن من الفقر- لذا باشرت الجزائر في مطلع الألفية عملية إصلاحٍ واسعة عبر المخطط الوطنيللتنمية الزراعية  سنة (2000)ابتداءً، ثم سياسة التجديد الزراعي سنة (2008)لاحقاً، وهذا بغرض التغيير التدريجي لوضعية اتصفت بضعف الإنتاج وتدني المردوديات وضعف درجة التكامل بين القطاعين الزراعي والصناعي وهو ما حتم صياغة إستراتيجية من أجل تنمية زراعية مستدامة تعمل على:

  • التطوير والتحديث التقني للزراعة :ويتضمن برنامج لتطوير تقنيات المعاملات الزراعية، والنظم الزراعية من تطوير المعاملات التسميدية، ومكافحة الآفات، ووقاية النباتات، والممارسات الزراعية السليمة، وتطوير معاملات إعداد الأراضي الزراعية وخدمة المحاصيل.
  • زيادة الُقدرة على تنمية الموارد وبخاصة المياه وذلك عن طريق :تحسين إدارة وحماية وصيانة الموارد المائية، وتحسين كفاءة استخدام مياه الري والتوعية المائية من خلال نشر ثقافة ترشيد استخدام المياه.
  • تطوير تقنيات إنتاج الأصناف النباتية والسلالات الحيوانية من خلال :استنباط الأصناف عالية الإنتاجية، تحسين السلالات الحيوانية، أقلمة الأصناف النباتية والسلالات الحيوانية، ونشر وتبني زراعة الأصناف النباتية والسلالات الحيوانية المختارة، وهو ما يقتضي ضرورة تشجيع نشاطات البحث والتطوير في مجال العلوم الزراعية.
  • برنامج لتطوير تقنيات استخدام اُلمخلَّفات الزراعية: ويشمل تطوير أساليب إنتاج الأعلاف باستخدام المخلفات الزراعية، وإنتاج السماد العضوي باستخدام المخلفات الزراعية، وإنتاج الوقود باستخدام المخلفات الزراعية، واستخدام المخلفات الزراعية في الصناعات الريفية الصغيرة، و تدوير أو التخلص من المخلفات الزراعية.
  • برنامج رئيسي لتشجيع الاستثمارات الزراعية والتصنع الزراعي: وذلك بتهيئة وتحسين مناخ الاستثمار في القطاعات الزراعية و تحديد الفرص الملائمة للاستثمار الزراعي والتصنيع الزراعي والترويج لها.
  • برنامج رئيسي لبناء الُقدرات البشرية والمؤسسية: وذلك عن طريق التأهيل البشري عبر برامج الإرشاد والتكوين، وتعزيز قدرات المستثمرات.
  • برنامج رئيسي للمساهمة في ازدهار الريف واستدامة الموارد الزراعية: وينتج عن تطبيقه عدة نواتج هي :تخفيف حدة الفقر في الريف،المساهمة في الحد من البطالة ،زيادة مساهمة المرأة الريفية في التنمية الزراعية، تحسين المستويات المعيشية لسكان الريف،الحد من الهجرة الريفية إلى المناطق الحضرية، الحد من المخاطر الزراعية، وهي برامج تعمل في مجملها لصالح للإنتاج المستدام للغذاء.
  • برنامج رئيسي لتطوير نظم إدارة الموارد البيئية الزراعية: ويهدف إلى توفير الغذاء، استدامة الموارد الزراعية وتحقيق الاستقرار في التجمعات الريفية،وذلك من خلال مكافحة التصحر والإدارة المتكاملة للمياه والحفاظ على الموارد والأصول الوراثية وتنظيم الموارد الرعوية والغابية عن طريق تنظيم الرعي وتعزيز الخدمات الإرشادية والبيطرية والتسويقية في المناطق الرعوية وتنظم موارد الغابات والمحميات الطبيعية. 

وباعتبار الزراعة هي المصدر الرئيسي لتوفير الاحتياجات الإنسانية الأساسية المتزايدة والمستدامة، كان لزاماً تبني التكنولوجيات الإنتاجية والبحثية،وتعزيز القدرات في مجال التكوين والبحث الزراعي،ودمج النظام الوطني للبحث الزراعي أكثر في تحريك ودعم التطور الفلاحي والغذائي وهو الدور الذي لم يستطع أن يؤديه سلفًا ، لجملة من الأسباب من بينها:

  1. غياب سياسة زراعية وزراعية غذائية، تحدد بطريقة دقيقة أهداف الإنتاج، قادرة على توجيه الأنشطةالبحثية.
  2. تطبيق برنامج التكثيف الزراعي الذي تولَّد عنه تبعية تكنولوجية تتزايد أهميتها بسبب الاستيراد الضخم لأنماط التكنولوجيا.
  3. الفهم الجزئي لممارسات البحث التي تهمل الأخذ بعين الاعتبار ضرورة التناسق بين البعد الطبيعي(الأرض والمناخ) والبعد التقني(نوعية النبات والحيوان والتقنيات الزراعية)والبعدين الاجتماعي الاقتصادي (التنظيم الاجتماعي والهيكل الزراعي خصوصا العقاري ووسائل الدعم اُلمتوفِّرة والمنتجين الزراعيين).
  4. نقص الاستمرارية في جهود البحث وإنكار الجهود السابقة بسبب غياب إجراءات التقييم.

ضعف الُقدرة على التحكُّم في تسيير جهاز البحث الزراعي، حيث نسجل تتابعا لعمليات الإصلاح بدون انعكاسات إيجابية محسوسة، وتسييرٍ بيروقراطي لهياكل البحث الزراعي وتهميش للباحثين بما يعني غلبة الشأن الإداري على الرؤية العلمية.

ولتجسيد هذه المنظومة التنموية الزراعية المستدامة تم الشروع في المخطط الوطني للتنمية الفلاحية ،3بدايةً من
العام
2000 والذي تم اعتماده استجابةً للوضعية الصعبة للزراعة الجزائرية ،ومن أهدافه:

– تغيير أنماط شغل الأراضي وتوزيعها طبقا لطبيعة التربة.
– توسيع الأراضي الصالحة للزراعة وتثمين الأراضي الجديدة عن طريق الامتياز.
– تكثيف وسائل الإنتاج وتنظيم فروع الإنتاج.
– توسيع الأراضي المروية عن طريق تطوير الري الصغير والمتوسط.

ويقوم المخطط الوطني للتنمية الفلاحية على:

– المخطط الوطني للتشجير.
– برنامج تكثيف الإنتاج وتحسين الإنتاجية.
– برنامج تكييف أنظمة الإنتاج.
– برنامج تنمية المناطق السهبية.
– برنامج استصلاح الأراضي الجديدة.
– برنامج ترقية وتطوير فروع الإنتاج.

تم توسع البرنامج بعد ذلك، ليمتد إلى السكان وإلى المناطق الأكثر حرمانا عن طريق حماية الموارد وتوسيع القدرات، وزيادة وتثمين الإنتاج الزراعي المحلي، والاهتمام بعالم الريف: البرنامج الوطني للتنمية الريفية و الزراعية (PNDRA) من خلال:

– التثمين الجواري عن طريق البرنامج الوطني للتشجير وبرنامج التشغيل الريفي وتنمية السهوب.
– التحسين عن طريق الامتياز (عبر البرنامج العام للامتياز).
– تأهيل المستثمرات الفلاحية.
– ترقية وتحسين المهن الريفية.
– خلق الشروط الملائمة لعودة السكان النازحين أيام الأزمة الأمنية. (التي عاشتها الجزائر فترة التسعينات من القرن
20)
– تثمين وتطوير تحويل المنتجات الزراعية.

وبغية التدعيم الدائم للأمن الغذائي اعتمادا على الزراعة كمحرك رئيسي مستدام وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، (2012)برزت سياسة التجديد الزراعي لمعالجة نقاط الضعف وتطوير نقاط القوة في القطاع الزراعي بالخصوص وهذا حول محاور خمسة:

– زراعة فاعلة تخدم التنمية والأمن الغذائي.
– إطار تشريعي وتنظيمي أكثر ملاءمة لطبيعة السياق الاقتصادي الجديد.
– تعبئة الفاعلين ضمن شراكة أحسن.
– تطوير الصناعات الغذائية في المنبع وفي المصب.
– أكثر نجاعة لأجهزة البحث والتطوير.

وتم رصد مبالغَ مالية هائلة لاستنهاض القطاع الزراعي عبر المخططات التنموية الثلاث التي واكبت تطبيق السياسة الزراعية الجديدة، انتقلت من 65.4مليار دج خلال مخطط الانعاض الاقتصادي (2004-2001إلى 300مليار دج أثناء مخطط دعم النمو، ولترتفع مبالغ المخصصات إلى 1000مليار دج خلال المخطط الخماسي (2015-2010) ،إلا أن نسبة المخصصات من الأموال التي رصدت لتنمية القطاع الزراعي لم تتعد نسبة % 12.46خلال مخطط الإنعاش الاقتصادي لتهوي إلى % 4.71خلال المخطط الخماسي.

جدول2 : مكانة الزراعة عبر استثمارات المخططات التنموية في الجزائر منذ سنة (2000مليار دج)

مخطط الإنعاش الاقتصادي
(2004-2001)
مخطط دعم النمو (2009-2005)المخطط الخماسي (2015-2010)
إجمالي الاستثمارات5254202.721214
الزراعة65.43001000
النسبة المئوية %12.467.144.71

المصدر:

سالت, محمد مصطفى (2017) التنمية الزراعية المستدامة و رهان الأمن الغذائي في الجزائر. من خلال شعبة القمح.

Doctoral thesis, Université Mohamed Kheider- Biskra.

تحميل الملف كامل بصيغة PDF

ما مدى فائدة هذا المنشور؟

انقر على نجمة للتقييم!

متوسط التقييم 4.5 / 5. عدد الأصوات: 23

لا توجد أصوات حتى الآن! كن أول من يقيم هذا المنشور.

السابق
أهداف التنمية الاقتصادية الزراعية
التالي
مفهوم الأمن الغذائي

اترك تعليقاً