إنتاج نباتي – دروس

آليات مقاومة النباتات للجفاف

2
(3)

من أهم المعاني التي يكتسبها مفهوم التأقلم مع الجفاف هو قدرة النبات على إعطاء إنتاج مقبول تحت ظروف الجفاف.

النبات المتأقلم هو ذلك الذي يحتمل أو يقاوم عجزا مائيا معينـا ويستطيع الإنتاج بمستوى مقبول مقارنة مع نبات آخر غير متكيف مع الجفاف(Cecarelli.,1987 ) . تستجيب النباتات للإجهاد المائي بآليات تختلف والنوع النباتي، وهي الآليات التي لا يمكن فصلها عن بعضها البعض لأنها قد تكون  متكاملة(Hayek et al ., 2000).

لاحظ  (Monneveux et Benlaribi.,1988)مدى تعقيد الظواهـر الفيزيولوجية للتأقلم مع العجز المائي عند القمح الصلب، فقد سجـلا تراكما للبرولين عند النباتات المعرضة للإجهاد المائي الذي يؤدي إلى جفاف الأوراق المسنـة وتخفيض القدرة على إمتصاص الماء من طرف النبات مما يؤدي في النهاية إلى تقليص الإنتاج .

فالنباتات المعرضة للإجهاد المائي تبدي استجابات مؤقتة لتنظيم حالتها المائية، لوحـظ من خلال الأبحاث العديدة في هذا المجال أن تلك الإستجابات هي ذات طبيعة فيزيولوجيـة مورفو فيزيولوجيـة وأخرى مرتبـطة بدورة حيـاة النبات؛ الجدول (01)يلخص أهم تلك الإستجابات.

الجدول01 :بعض آليات التأقلم مع الجفاف

الجدول02 :بعض آليات التأقلم مع الجفاف
الجدول01 :بعض آليات التأقلم مع الجفاف

1 – آليات مرتبطـة بـدورة حيــاة النبات:

وهي ما يصطلح عليها باسم الهروب أو التفادي (Echappement) وتتمثل في قدرة النبات على إنهاء دورة حياته خلال الفترة التي يكون فيها الماء متوفرا، فالنمو السريع والإزهـار المبـكر يسمحان بتفادي فترة الجفاف.

يطور النبات آليات تأقلمية مرتبطـة بدورة حياته (التبكيـر) وأخـرى فيزيولوجية ( مقاومة جفاف الأنسجـة) لتفـادي الفترات الحرجـة في حياتـه (Brisson et Delecolle.,1993) ؛ فالأصنــاف المبكـرة تستطيـع تجنـب فـتـرة العجـزالمائي التي تصـادف عــادة نهايــة دورة حيـاة النبـات.

فالتبكير آليـة تستعملها النباتات لتجنب الجفاف؛ فقد تبين من النتائج التي تحصل عليها (Cecarelli.,1987) أن الأصناف ذات المردود العالي هي دائما تلك التي تحدث عندها مرحلتي الأزهـار والنضـج مبكرا؛ أما تلـك التي تحصل عليـها  (Nachit et al.,1992 ) و (Kara et Bentchikou.,2002) فبينـت أن المردود شديـد الارتبـاط بالتبكيـر (r = 0.75) .أُرجع تحسـن الإنتـاج تحـت شـروط الجفـاف إلى التبكير؛ فقد بين (Turner.,1986) في دراسة على 53صنف من القمـح، الشعيـر والثريتيكال أن التبكـير بيـوم واحـد يؤدي إلى إرتفـاع المحصول بـ: 3قنطار/هكتار.

في المقابل لاحـظ (Fischer  et Maurer.,1978) أن النتائج الايجابية للتبكيرتبقى مرهونـة بمدى حساسية النبات للفترة الضوئية ودرجات الحرارة المرتفعة. .

2 – آليات مورفوفيزيولوجية:

و هي آليات تتلخص في قــدرة النبات على تفادي جفاف الأنسجة بمواصلة إمتصاصه للماء من الوسط و بالتالي المحافظة على المحتوى المائي للخلايا (Lewicki.,1993).

يمكن إيجاز تلك الآليات فيما يلي:

1.2 – استمرار الإمتصاص:

القدرة على إمتصاص الماء في ظل العجز المائي عند النجيليات مرتبطـة حســب عدد من الباحثيـــن بتطـور الجهــاز الجــذري (Ali dib et al.,1992 )و (Djebrani.,2000)

فالجذور هي العضـو الوحيـد لتزود النبات بالماء، لـذا فالقدرة على النقل الأفـقي للنسغ الناقص في مسـتوى الجـذور يمثـل أعـلى درجـات مقاومـة الجفـاف (Peterson et al.,1993 ).

2.2 – التقليل من فقدان الماء

للمحافظة على محتـوى مـائي داخـلي كـاف، يبـدي النبـات جمـلة من الآليـات؛ بعـض الصفـات المورفولوجية للأوراق مثل: إلتفاف الأوراق و التنظيم الثغري تساهم في تقليـص فقــدان المـاء(Monneveux.,1991)؛ لاحظ  (Clarke et Townley-Smith.,1986 ) أن ظاهرة إلتفاف الأوراق هي في نفس الوقت مؤشر على إنكماش الخلايا ووسيلة لتفادي جفـاف الأنسـجة بالتقلـيل من عمليـة النتــح. تتمثل أهم آليات المحافظة على المحتوى المائي خلال فترات الجفاف في: غلق الثغور، إلتفاف الأوراق و تقليـص إمتصاص الإشعاعات الضوئية (Araus et al.,1997؛ ) فعملية النتـح مرتبطـة بعـدة عوامـل داخلية أهمها: المساحة الورقية، سمك طبقة الكيـوتيكل، عدد الثغور و مكان توضعها على سطحي الورقة و هي العوامل التي يكيفها النبات حسب شدة الإجهاد المائي.

كما أن ظاهرة الإبيضاض (glaucescence) تخفض النتح الكيـوتيكلي و تؤثـر بقوة على المردود و على فعاليـة إستغـلال الماء بتأخير موت الأوراق (Ludlow et Muchow.,1990) .

لخص (Monneveux.,1989)  أهم معايير التكيف مع الجفاف كما هو مبين في الجدول  (02).

الجدول 02 :المعاییـر المورفـوفیـزیولوجیة للتأقلـم مع الجفـاف حسب (Monneveux.,198)

الجدول 02 :المعاییـر المورفـوفیـزیولوجیة للتأقلـم مع الجفـاف حسب (Monneveux.,198)

3.2 – دور البرولين والسكريات الذائبـة:

أجمع العديد من الباحثين على أن أهم آليات التأقلم مع الجفاف هو التعديل الاسمـوزي الذي يسمـح بالحفـاظ على إنتبـاج خلايا النباتـات المجهـدة بتراكم عدة مواد منحلة كالنثراث (NO-3)،السكريات، الأحماض الأمينيـة (كالبرولين)، الأحماض العضوية وأمـلاح البوتاسيـوم، (Monneveux et Benlaribi.,1988)؛ كما أن البرولين والسكريات تتركـب بسرعة أكبر تحـت تأثيـر الإجهـاد المائي .(Ledoig et Coudret.,1992)

دور البروليـن:

لاحـظ (Acevedo et Cecarelli.,1989) أن تراكم البرولين عند النباتات المجهدة يعتبر عاملا محـددا لتأثير الإجهاد المائي؛ كما أُعتُبر مؤشرا على التأقلم مع إجهاد معين (برودة، ملوحة أو إجهاد مائي) (Cheeseman.,1988) ،ذلك لأن البروليـن يحافـظ على ضغـط حلولي خلوي مرتفع.

كما أن تراكـم البروليـن عنـد القمـح غيـر مرتبـط بمرحلـة معينـة من النمـو إنما هو ناتج عن الإجهاد المائي (Monneveur et Nemmar., 1986 ).

بينـت الكثيـر من الدراسـات أن تراكم البروليـن لا يحـدث الا عنـد النباتـات المجهـدة، فقد أكـد  (Hubac.,1967 in Nemmar 1983) أن إرتفـاع محتوى البروليـن هو نتيجـة مبـاشـرة للإجهـاد المائي. كما بينت الأعمال التي قام بها (Adjab., 2002)  أن المستـويات العاليـة لمحتـوى البروليـن سجلـت في حالـة الإجهـاد المائي الشديـد، نفـس تلك النتائـج توصل إليها (Bamoun., 1997)و (Adjab et Khezane.,1998) . فارتفـاع محتـوى البروليـن هو إستجابـة وقائيـة للنباتات تجـاه كل العوامل التي تخفّـض نسبة الماء في الخـلايا.

السكريات الذائبـة:

لاحـظ (Bensari et al.,1990) أن تحمـل الجفـاف قد يكون راجعا للإستعمـال التدريجي للمدخرات النشوية؛ و أشار الكثيـر من الباحثيـن الى الدور الوقائي الذي تلعبـه السكريات الذائبة على مستـوى الأنظمـة الغشائيـة بصفة عامة و الأغشية الميتوكوندريـة بصفة خاصة باللإضافـة إلى ذلـك فإن السـكريات الذائبـة تساهـم في حمـاية الظـواهر (التفاعلات) المؤدية إلى تركيب الأنزيمات الشيء الذي يسمح للنبات بتحمل أفضل لمؤثرات الجفاف ( Duffus.,1989 in Bamoun.,1997).

لاحـظ ( Ali dib et al.,1990)  أن تغيرات محتوى القمـح من السكريات الذائبـة أضعف بكثير منها بالنسبة للبروليـن وأن أكبر النسـب تسجـل إنطلاقا من اليوم الثاني عشر(12) من الاجهـاد المائي. أما النتائج التي توصل إليها (Adjab.,2002) خلال معايـرته للسكريات في الورقـة الخامسة عند خمسة أصنـاف من القمح الصلب فبينت أن هذه الأخيرة تبدي تراكما ضعيفا لها (أي للسكريات الذائبـة).
السكريات و البرولين مع مواد أخرى تساهم في ظاهرة التعديـل الحلولي التي تحمـي الأغشيـة والأنظمـة الأنزيميـة و ذلك بالمحافظـة على إنتباج الخـلايا بتخفيض كمونها الحلـولي لتعويض .(Ludlow et Muchow.,1990) ( وBlum.,1989) إنحفاض الكمون المائي للأوراق .

3 – دور بعض أعضاء النبات وبنيته في تحقيق المردود في ظل العجز المائي:

يتحقق المردود النهائي بتداخل مجموعة من الآليات تساهم فيها أعضاء النبات المختلفة بالإضافة الى مورفولوجية النبات.

1.3 – دور الأوراق:

تلعب الورقة النهائية دورا أساسيا في إمتلاء البذرة؛ فمصدرالمواد العضوية التي تُخزن في البذرة هو عملية التركيب الضوئي التي تحدث في الأوراق خلال المرحلـة ما بعـد الإزهار(Austin.,1985) .

في ظل العجز المائي تشيخ الورقة النهائية (الشيخوخة) بسـرعة مما يحدد فعاليتها، فتأخـذ بعض الأعضـاء دورا مكملا لها خاصة السـاق حيث تخـزن فيـه المـواد المركبـة ثم تهاجـر نحـو البـذرة (Austin et al.,1980) .

أعتبــر(Gates et al.,1993 )  أن حياة الورقـة النهائية تقدر بتطور مساحتها الخضراء وهو مؤشر على مسـتوى عمـل جهاز التركيـب الضوئي في وجود عجز مائي.

تساهم الورقة النهائية خـلال مرحلتي الأزهار والنضج بشكل كبير في تحقيق المردود عند النجيليات؛ ومنه فبتأخير شيخوخة الأوراق يمكن تحسين إمتلاء الحبوب(Nelson.,1988 ).

2.3 – دور السنبـلة :

أظهـرت عـدة دراسات أهمية السنبلـة في تركيب المواد العضوية التي تساهم في إمتـلاء الحبـوب(Febrero et al.,1990) (Blum.,1989)؛ يؤدي الاجهـاد المائي إلى إضعاف الأعضاء التي تقـوم بالتركيـب الضوئي (الأوراق خاصة) مما يستـدعي تدخـل السنبلـة(Gates et al .,1993 ) .

تمتاز بعض أصناف القمح الصلب بسفاه طويلة قادرة على تعويض الأوراق الميتة فيما يخص عملية التركيب الضوئي .(Mekliche et al.,1993)

السفاه أقـل تأثـرا بالحرارة المرتفعـة مقـارنة بالورقـة النهائية، لذلك فهي تساهم في رفع المردود في المناطق الحارة والجافة (Blum.,1989)؛ حيث بينـت العديد من الأبحاث التي أجريـت على كثيـر من الأصنـاف تحـت ظروف الأجهـاد المائي أن السفـاه تسـاهم في إمتـلاء الحبوب .(Ali dib et al.,1990)( وHadjichristodolou.,1985)

3.3 – دور السـاق:

السـاق هو المقـر الرئيسي لتوضـع المـادة الجافـة غيـر المهيكلة المشكلة أسـاسا من :

الغليكوز، الفريكتوز و السكروز و التي تهـاجر فيمـا بعـد نحو الحبوب للمساهمة في امتلائها (Davidson et Chevalier.,1992)؛

تساهم المـادة الجـافـة التي تتشكـل في السـاق قبـل الإزهار بنسبـة 3 إلى % 30في إمتـــلاء الحبوب؛ كما أن %50من المواد الناتجـة عن التركيب الضوئي و المشكلة بعد الإزهار تُخزن أولا في الساق لمدة عشرة أيام أو أكثـر قبل أن تحرك نحو الحبوب (Bidinger et  .al.,1987) ترتفع مساهمة السـاق في إمتلاء الحبوب في حالـة وجود عجز مائي (Gates et ) ،al.,1993ويمكـن أن يكون ذلك بنسبـة تفـوق % 40من المـادة الجافـة للحبوب (Austin et al., 1980)

4.3 – طـول النبات:

منذ مـدة طويلة أرتبط طول النبـات بمقاومة الجفـاف، حيث كلما كان النبـات مرتفعا كانـت جذوره أكثر عمـقا وبالتالي إمتصاص كمية أكبر من الماء (Subbiah et al.,1968) ومنه يكون مردوده أحسن. قدرة النبات على ملأ الحبوب مرتبـط بكمية المواد المخزنة في الساق (Blum.,1988)، وبقدرته على تحريك تلك المدخرات نحو الحبوب خاصة تحت ظروف العجز المائي الذي يصادف نهاية دورة حيات النبات(Mc William.,1989 ) .

الأصنـاف ذات السيقـان القصيـرة ليسـت قادرة على تخـزين المواد بكميـات كافيـة مما يجعلها ضعيفـة المقاومة أمام إجهادات الوسط .

ما مدى فائدة هذا المنشور؟

انقر على نجمة للتقييم!

متوسط التقييم 2 / 5. عدد الأصوات: 3

لا توجد أصوات حتى الآن! كن أول من يقيم هذا المنشور.

السابق
إستجابات النبات للإجهاد المائي
التالي
الهرمونات النباتية والاجهاد المائي

اترك تعليقاً