إن المعلومات الواردة في هذه المقالة عن الكميات والتوزع الجغرافي لاحتياطي العالم من المواد الأولية للأسمدة و انتاجها الحالي تعطينا نسب الإنتاج المعروفة بشكل واضح ودقيق ومعقول ، ولكن لا يمكن أن يقال نفس الشي بالنسبة للاحتياطي ، ومن المستحيل إيراد أكثر من تقدير تقريبي للاحتياطي لأي منجم وذلك بسبب الصعوبات الواسعة التي تكتنفه والتي من أهمها صعوبتين اثنتين :
الصعوبة الأولى :
تنبع من نقص المعلومات فالمساحات الكبيرة والضخمة للأرض التي لم تمسح بعد أو إنها قد مسحت ولكل بشكل غير كاف.
وحتى عندما توجد هناك مكامن ، فإن المعلومات عن كمياتها ونوعياتها تختلف وتتنوع بشكل كبير ، وبشكل معقول فإن البيانات الكاملة قد تكون متوفرة ومتاحة فقط من أجل المكامن التي استثمرت واستغلت والتي من أجلها أنجزت خطط التطوير الثابتة ، وحتى في حالات كهذه يمكن أن تغطي البيانات فقط الأجزاء السهلة المنال أو التي من الممكن الوصول إليها .
وبالنسبة للمكامن المكتشفة والمعروفة ولكنها لم تستثمر بعد فإن المعلومات عنها لا تزال ضئيلة وغير كافية .
فعلى سبيل المثال : فقد اكتشفت مكامن لأملاح البوتاس مؤخراً في تايلاند ويعتقد أن الاحتياطي لها كميات ضخة جداً ، ولكنه لا تتوفر معلومات عن الكمية ، والسبب في هذا النقص للمعلومات هو باختصار أن الاكتشاف الكامل وتقييم وتقدير المكمن هو عملية غالية ومكلفة وتؤخر فقط بعين الاعتبار عندما يكون محتملاً للاستغلال والاستثمار التجاري .
ومن المعلوم بالنسبة لتقدير الاحتياطي أنه وعلى الرغم من معدلات ونسب الإنتاج العالية فإن الاحتياطي يبقى ثابتاً أو أنه بالواقع يزداد بعد فترة من الزمن طويلة نسبياً ، وذلك لأن مكامن أخرى قد اكتشفت واستغلت بسرعة أكبر من المكامن التي تم استغلالها .
نظراً لهذه الصعوبة فإن بعض المقيمين قد قصروا جهودهم فقط على تعيين وتحديد المكامن التي تتوفر عنها معلومات كافية ومعقولة . وآخرون قد ضموا إلى المعلومات السابقة معلومات عن المكامن المعروفة ولكن ليس المكتشفة بشكل كامل ، وحتى أن آخرون أضافوا الاحتمالات للمكامن التي لم تكشف بعد ولكن من المفترض فيها أن توجد بسبب عوامل جيولوجية معروفة.
الصعوبة الثانية :
تكمن في أنه لا يوجد تعريف متفق عليه للاحتياطي ، فبعض المهتمين بالتقييم والتقديرات يقدرون الكمية الإجمالية الموجودة في المكمن ، بينما آخرون يعتبرون فقط الكمية التي يمكن استخلاصها واستخراجها بتقنيات التعدين الحالية وبشكل اقتصادي , وهذا يعتمد على تكاليف التعدين بالنسبة لأسعار السوق الخاصة بالفلزات .
وعلى هذا الأساس فإن نسبة الاحتياطي المقدرة سوف تختلف وتتغير من مكمن لآخر ، وسوف تتأثر أيضاً بتغي ا رت أسعار السوق أو في تكاليف التعدين أو الاستخلاص والاستخراج . لذا فإنه من غير المدهش والمفاجئ أن نجد أن تقييمات وتقديرات كامل الاحتياطي لهذه المناجم المتغيرة بشكل واسع ، تظهر اختلافات وتباينات واسعة وكبيرة جداً .
على سبيل المثال : فإن تقدير احتياطي العالم من الخامات الفوسفات يختلف من 85مليون طن إلى 1300مليون طن ، وهذا التباين بسبب أنه لا يوجد تعريف واضح للاحتياطي والذي على أساسه يقوم التصنيف والتنسيق والتقدير. ولذلك فمن الواضح أن الاحتياطي الجسيم العالمي من المواد الأولية للأسمدة ليس معروفاً بدقة .
ولعل التقديرات الخاصة بالبترول الخام وبدرجة أقل بالغاز الطبيعي هي أكثر التقديرات ثقة . والتي تعتمد ويعول عليها . وبسبب أهميتها فإن اهتماماً كبيراً قد أعطي لهذه المواد والتقنيات اللازمة لتقديرها . أما التقديرات الخاصة بالمواد الأولية الأخرى فهي أقل ثقة ولا يعتمد عليها . ولكن التقديرات الخاصة بالبوتاس فهي أكثر ثقة بسبب أن عدد المكامن المعروفة هو نسبياً صغير ، ومعظمها قد مسح بشكل دقيق .
والتقديرات الخاصة بالخامات الفوسفاتية ، والكبريت ، والفحم لها النصيب الأكبر من عدم التثبيت وعدم الموثوقية لأن هذه المواد موزعة بشكل واسع ، والكثير من مكامنها مازال في طور الاكتشاف ومن الصعب الحصول على عينات ونماذج منها ليتم تقدير وتقييم المكمن .
ولحسن الحظ فإن التقديرات الخاصة بالبوتاس والخامات الفوسفات والفحم أظهرت رغم أخطاء التقديرات التي لابَّد منها فإن الاحتياطي الأرضي لها هي أكثر من كافية من أجل المستقبل المنظور .
وبالنسبة للكبريت فإن كامل الاحتياطي متوفر ولكنه في وقت ما ، ربما يحدث ويطرأ تحول ما إلى مواد لا تستعمل بشكل واسع في الوقت الحالي .