أول خطوة للتعرف على المرض النباتي هو معرفة ما إذا كان المرض ناتجا عن كائن حي أو عوامل غير حية، فالكائنات الحية المسببة للأمراض النباتية غالباً ما تنتج أعراض مميزة على أجزاء معينة من النبات، بل قد تترك في كثير من الأحيان بعض العلامات والدلائل الدالة على المرض، وبعض هذه الكائنات مثل النيماتودا أو الفيروسات قد تنتج أعراضاً عامة متشابهة ومماثلة مع ما ينتج عن سوء الظروف البيئية وعدم مناسبتها لنمو العائل النباتي. وللتعرف على وتشخيص أي مرض نباتي لابد من دراسة المسبب المرضى أولا.
وتعتمد طرق تشخيص الأمراض النباتية على معرفة الكثير من خصائص الكائنات المسببة لأمراض النبات من حيث نوع المسبب وطريقة التطفل وطريقة النمو والتكاثر وغبرها من خصائص هامة تساهم في تحديد الطريقة المناسبة التى يمكن بها التعرف على المرض. والطرق المستخدمة في التشخيص والتعرف على الأمراض النباتية كثيرة منها الطرق القديمة ومنها الطرق الحديثة التى تعتمد على وسائل التقنية الحيوية االمستحدثة وقد تم تطوير الكثير من الطرق لتلائم التنوع الهائل في الأمراض وكذلك حاجة العصر في التشخيص السريع للأمراض النباتية. فالميكروسكوب الضوئى يمكن إستخدامه في الكشف عن والتعرف على وتشخيص الكثير من الأمراض الفطرية والبكتيرية في حين أن الميكروسكوب الإلكترونى يكون مطلوبا لدراسة الفيروسات والفيتوبلازما والأمراض التى تسببها، وبالرغم من أن الميكروسكوب الضوئى وسيلة هامة لتحديد الخصائص المورفولوجية للبكتيريا إلا أنه لابد من عمل الكثير من الإختبارات الفسيولوجية والبيوكيميائية لكى يكون التشخيص كاملا وصحيحا.
ويمكن تلخيص أهم الطرق المستخدمة في التشخيص والتعرف على الأمراض النباتية كالتالى:-
أولا- المشاهدة والفحص الظاهري:
يعتمد الفحص الظاهرى للمرض على الدراسة والخبرة التى تعتمد على المعرفة الجيدة بالمسببات المرضية وأنواعها وطريقة العدوى بها ودورات حياتها، فالمسببات المرضية قد تكون طفيلية أو غير طفيلية، والأعراض المرضية الناتجة عن الإصابة بمسبب ما تختلف في شكلها بإختلاف المسبب حيث يوجد إختلاف كبير بين الأعراض الناتجة عن المسببات الفطرية والبكتيرية والفيروسية وقد يحدث تداخل بين الأعراض في بعض الحالات المرضية. كما يوجد تباين كبير بين الأعراض المرضية التى تحدثها المجموعات الفطرية المختلفة، فالفطريات المسببة للصدأ تظهر أعراضها في صورة بثرات مختلفة الألوان والأشكال والأحجام وكذلك هناك أعراض مميزة لفطريات التبقع وفطريات الذبول وغيرها من مجموعات فطرية مسببة للأمراض. وقد تكون الأعراض المرضية مصحوبة بوجود تراكيب تكاثرية مثل الجراثيم أو الأحسام الحجرية أو إفرازات بكتيرية أو غير ذلك كلها تعتبر دلائل وعلامات للمرض النباتى. ومشاهدة الطفيل بداخل أو على سطح النبات المصاب أو في أنسجته ضروريا في التشخيص والتعرف على المرض. أما الأمراض التي يكون سببها عوامل بيئية مثل نقص العناصر الرئيسية كالنيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم أو العناصر الصغرى فلها أعراض مرضية تميزها وكذلك الأمراض الناتجة عن إنخفاض درجة الحرارة أو ارتفاعها أو عدم انتظام الرى أو زيادة رطوبة التربة أو ملوحة التربة فيمكن تشخيصها بسهولة من الأعراض الدالة على المرض.
ثانيا- استخدام النباتات الكشافة:
النباتات الكشافة هى مجموعة من النباتات التى تنتمى إلى عائلات نباتية مختلفة وتستخدم كنباتات كشافة للأمراض لحساسيتها العالية ورد فعلها السريع على العدوى بالمسببات المرضية حيث تظهر عليها أعراض مرضية مميزة ودالة على المرض النباتى ونوع الإصابة المرضية، وكل مجموعة من النباتات الكشافة تستخدم لغرض معين فهناك مجموعة معينة تستخدم لتعريف سلالات الصدأ الأصفر والبرتقالى المرضية وهناك مجموعة تستخدم في حالة الأمراض الفيروسية ومجموعة أخرى تستخدم مع الأمراض البكتيرية.
ثالثا- استخدام الميكروسكوب الضوئي:
يعتبر الميكروسكوب الضوئى من أهم الوسائل المستخدمة في مجال أمراض النبات لفحص وتشخيص الأمراض النباتية ومسبباتها وخاصة الفطرية والبكتيرية، فهو يستخدم في التعرف على وفحص التراكيب التكاثرية مثل الخلايا والتراكيب الخضرية والجراثيم اللاجنسية والجنسية سواء في الأنسجة المصابة أو لتلك االنامية على بيئات صناعية. وبإستخدام الميكروسكوب يمكن تعريف الفطريات حتى مستوى الجنس وأحيانا حتى مستوى النوع وهو وسيلة سريعة لتشخيص الأمراض النباتية التى تسببها الفطريات خاصة ، ويتم الفحص بالميكروسكوب الضوئى عن طريق عمل التحضيرات المؤقتة أو المستديمة على شرائح زجاجية أو بعمل تشريح مرضى وقطاعات طولية أو عرضية بسمك رقيق للأنسجة المصابة حتى يمكن فحصها بسهولة ووضوح.
عزل المسبب المرضى وافتراضات كوخ:
لتأكيد إصابة نبات بمرض معين لابد من عزل المسبب المرضى في صورة نقية ثم تدرس الخصائص المورفولوجية والفسيولوجية والبيوكيماوية بإستخدام المزرعة النقية لهذا المسبب المرضى، وتستخدم تلك الخصائص في التعريف والتفريق بين العزلات والمسببات المرضية المختلفة. وهذه الطريقة تصلح في حالة الكائنات الممرضة للنبات التى يمكن تنميتها على بيئات صناعية مثل الفطريات المتطفلة أو المترممة إختياريا. ويجب مراعاة تطبيق فروض كوخ لعزل المسبب المرضى في هذه الطريقة. ولإثبات أن طفيلاً معيناً هو المسبب لمرض معين تطبق فروض كوخ كالتالي:
- لابد أن تكون الأعراض مصحوبة بوجود طفيل ويجب عزل الطفيل من النسيج المصاب في كل مرة تجرى فيها عملية العزل.
- تنمية الطفيل المعزول في مزرعة نقية على بيئة صناعية.
- إحداث عدوى صناعية لنباتات سليمة قابلة للإصابة من نفس نوع النبات المصاب ، ويجب أن تكون الأعراض الناتجة مطابقة للأعراض الأصلية المعزول منها الطفيل.
- إعادة عزل الطفيل من النباتات المصابة صناعياً ويجب أن يكون الطفيل المعزول مطابقاً للطفيل السابق عزله من الأعراض الأصلية.
أما الفطريات الإجبارية أو الفيروسات الإجبارية فلا تصلح معها هذه الخطوات حيث أنها قد تتغير من خلال عزل الطفيل وزراعته في صورة نقية إما على نبات قابل للإصابة أو على مزارع الأنسجة كما في حالة الأمراض الفيروسية والتي تجرى فيها أيضاً تحورات أخرى في تلك الفروض وذلك تبعاً لطبيعة الفيروس.
رابعا- استخدام طرق التشخيص الكيماوية:
وتعتمد هذه الطريقة من التشخيص على مجموعة من الإختبارات الكيماوية المميزة للنباتات المصابة بالفيروسات أو الفيتوبلازما مثل إختبارات البروتين والكربوهيدرات والإنزيمات والأحماض الأمينية الحرة فوجود الحمض الأمينى جلوتامين بتركيز عال في درنات البطاطس يدل على إصابتها بفيروس ألتفاف الأوراق. وتراكم السكريات في أنسجة النباتات المصابة بالفيروس قد يساعد بدرجة كبيرة في تحديد الإصابات الفيروسية. وكذلك فالكشف عن إنزيمات معينة بالخلية المصابة قد يساعد في التعرف على المرض النباتى.
خامسا- التشخيص بالميكروسكوب الإلكتروني:
يشبه الميكروسكوب الإلكترونى الميكروسكوب العادى من حيث الأساس العلمى إلا أن تكبير الاشياء يتم بإستخدام مجالات مغناطيسية تحل محل العدسات العينية والشيئية وبإستخدام أشعة إلكترونية بدلا من الأشعة الضوئية حيث أن الأشعة الإلكترونية ذات موجات قصيرة جدا إذا ما قورنت بالأشعة الضوئية فإن قدرة التمييز بإستخدامها تزداد مما يمكنها رؤية الأشياء التى تقدربأقل من الميكرون، وإستخدام الميكروسكوب الإلكترونى في الفحص من الوسائل الحديثة المستخدمة في الوقت الحاضر للتعرف على المسببات المرضية الفطرية أو الفيروسية أو البكتيرية أو الفيتوبلازما ، كما يستخدم أيضا في دراسة التغيرات الفائقة الدقة التى تحدث في الخلية المصابة كما يستخدم أيضا لدراسة الإختلافات الموجودة بين الفيروسات المختلفة والفطريات والبكتيريا والفيتوبلازما ليعطى صورة أكثر وضوحا عن المرض النباتى.
سادسا- الإختبارات السيرولوجية:
تستخدم الإختبارات السيرولوجية بكثرة في مجالات عديدة لأمراض الإنسان والحيوان والنبات، وتستخدم لحد كبير في التعرف على المسببات المرضية وخاصة الفيروسات. وتعتمد الطريقة على حقن المسبب المرضى في جسم حيوان مثل الأرنب فيتكون في دمه ما يعرف بالأجسام المضادة كما تتكون هذه الأجسام المضادة في دمه إذا حقن بخلايا ميتة أو مواد بروتينية. وهذه المواد التى تسبب تكوين الأجسام المضادة تعرف بالأنتيجينات ويعرف المصل (السيرم) الذى يحتوى على الأجسام المضادة بالمصل المضاد (انتى سيرم). وتبنى جميع الإختبارات السيرولوجية على التفاعل المتخصص بين الأنتيجين والأجسام المضادة. وتستخدم الإختبارات السيرولوجية في الكشف عن وجود المسببات المرضية الفيروسية والبكتيرية والفطرية في البذور. وتتميز الإختبارات السيرولوجية بأنها تعطى نتائج سريعة وأكثر دقة ولا تحتاج إلى مجهود كبير.
سابعا- الإشتشعار عن بعد:
يعتبر التصوير من طبقات الجو العليا من الوسائل الهامة ذات الفائدة الكبيرة للتعرف على نشوء ومدى سرعة إنتشار الأوبئة. وقد أمكن بإستخدام التصوير الجوى بإستعمال الأشعة اللونية تحت الحمراء للتعرف على الإصابة ببعض الأمراض النباتية مثل أصداء القمح واللفحة المتأخرة في البطاطس والطماطم وبعض الأمراض الفيروسية وبعض أمراض الموالح. ويلائم الإستشعار عن بعد وجود الأمراض بصورة وبائية أو في صورة شديدة في مساحات واسعة منزرعة بمحصول واحد وتستعمل بكثرة في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وأوروبا، وهناك إمكانية الآن لإستخدامها في الوطن العربى مع تطبيق السياسات الزراعية الحديثة وتوسيع نطاق الملكية الزراعية.
ثامنا- اختبارات التكنولوجيا الحيوية المعتمدة على الأحماض النووية:
تعنى التكنولوجيا الحيوية التعامل بكفاءة وبسهولة في التحوير الوراثى للجينات والمادة الوراثية في خلايا الكائنات الحية وبما يؤثر في تكاثر تلك الكائنات الحية. وكل طرق التكنولوجيا الحيوية المستخدمة تعتمد على المادة الوراثية بالخلية الحية والمسماه بالـــ DNA أو RNA. وتفيد التكنولوجيا الحيوية في المجال النباتى في إنتاج نباتات خالية من الفيروسات والطفيليات الممرضة كما هو متبع في مزارع الأنسجة، وكذلك يمكن أن تستخدم طرق التكنولوجيا الحديثة في التشخيص السريع للأمراض النباتية المختلفة كما يمكن أن تستخدم أيضا في تعريف وعزل الجينات المرغوب فيها ونقلها إلى نبات آخر والكشف عن تلك الجينات المنقولة كما يحدث في برامج التربية لمقاومة الأمراض وإنتاج نباتات عالية الإنتاجية (مهندسة وراثيا). كما يمكن أيضا إستخدام تلك الطرق في دراسة الجينات المسببة لمقاومة أمراض النبات والجينات الموجودة في الطفيل والتى تؤثر على قدرة الطفيل على إصابة ومهاجمة النباتات، وبها أيضا يمكن إضافة جين مقاوم لنبات قابل للإصابة فيجعله مقاوما للمرض. ومن الطرق المستخدمة في إختبارات التكنولوجيا الحيوية طريقة إختبار البلمرة المتسلسل PCR.
الفهرس
- أولا- المشاهدة والفحص الظاهري:
- ثانيا- استخدام النباتات الكشافة:
- ثالثا- استخدام الميكروسكوب الضوئي:
- عزل المسبب المرضى وافتراضات كوخ:
- رابعا- استخدام طرق التشخيص الكيماوية:
- خامسا- التشخيص بالميكروسكوب الإلكتروني:
- سادسا- الإختبارات السيرولوجية:
- سابعا- الإشتشعار عن بعد:
- ثامنا- اختبارات التكنولوجيا الحيوية المعتمدة على الأحماض النووية: