شهدت الزارعة تطوراً ثابتاً خلال الأجيال منذ بداية الثورة الزا رعية أي منذ حوالي 10000سنة . هذه التطور كان نتيجة لتدجين النباتات والحيوانات وذلك لتلبية حاجات الإنسان الغذائية المتزايدة ، وقد أدى ذلك إلى زيادة إنتاج الغذاء أكثر مما هو مطلوب .
هذا الفائض في الإنتاج الزا رعي كان متوفراً وفي متناول اليد من أجل الاستهلاك لقاطني وسكان المدن . وبدأ في هذه المرحلة نمو المراكز التجارية المحلية وكذلك المدن . هذا التطور للمراكز الحضرية سمح لطاقات وقدرات الإنسان أن تتحول إلى نشاطات غير زراعية وأدى إلى تقدم في المعرفة العلمية والتقنية والتي عليها ترتكز الزراعة الحديثة بقوة .
رافق زيادة إنتاج الغذاء زيادة في التعداد السكاني البشري ، وهذا النمو السكاني المتزايد قد فرض ضغطاً إضافياً آخر على إنتاج الغذاء مما أدى إلى زيادة مساحة الأراضي المستصلحة والتركيز الكبير على الأراضي القابلة للزراعة بالإضافة إلى تحسين التقنيات المستخدمة .
كما أن عوامل زيادة الإنتاج الزراعي كانت متزامنة وتعتمد وبشكل نسبي على الحاجة والعوز للغذاء ، وبشكل عام توسع الإنتاج الزراعي في الأصل من خلال الزيادة في المساحات المستصلحة القابلة للزراعة على حساب أراضي للرعي ، ولا ننسى تاريخياً بأن الضغوط الناجمة عن زيادة نسبة الإنسان إلى الأرض ، أبرزتها جزئياً المجاعات التي سببت الهجرة إلى مناطق أقل كثافة سكانية مما زاد في احتياطي الأرض المزروعة .
فالهجرات الكبيرة مثلاً من أودية نهر الصين إلى أجزاء أخرى من الصين وآسيا الجنوبية بالإضافة إلى الهجرة الأوربية إلى أوقيانوسية والعالم الجديد ، هذه الهجرات كانت بسبب الضغوط على الأرض الزراعية وتقنيات الإنتاج الزراعي .
إن العامل الأول والهام والذي أدى إلى ضغوط على موارد الأرض قبيل القرن العشرين كان بسبب النقص في خصوبة الأرض والذي رافق وصاحب الزراعة الدائمة . لذلك لجأ الإنسان إلى أسلوب القطع والحرق وبشكل كثيف في أغلب المناطق التي لا تقع عند مياه الأنهار أو دلتا أودية الأنهار حيث أن الطمي السنوي يعيد جزءاً من المواد المغذية للتربة .
بتزايد التعداد السكاني تناقصت فترة ترك الأرض دون زراعة بعد حرثها كما تناقصت خصوبة التربة ، وأخيراً ونتيجة الزا رعة المستقرة انخفض مردود الإنتاج الزراعي .
وحتى المناطق المعتدلة مثل أوربا فقد عاشت لفت ا رت طويلة جداً على الأنظمة التي تعتمد على ترك الأرض بدون زراعة لفترة قصيرة لتجدد خصوبتها وحيوتها .
إن توازن مستويات الإنتاج ذات المستوى المنخفض والتي تم إنجازها وتحقيقها اعتماداً على السقاية أو مياه الأمطار الدائمة قد انزاحت نحو الأعلى بسبب التحسينات والتطورات التقنية . والتي تبدلت في نظام الدورة الزراعية والتي تعتمد بشكل كبير على العلف وسماد الدمن الأخضر وذلك لتحسين خصوبة الأرض ، ومع ذلك بقي هذا النظام مستقلاً تقريباً عن الموارد المقدمة من القطاع الزراعي .
ولما بدأت الثورة الصناعية بدأت معها سلسلة من الأحداث التي أدت إلى زراعة اليوم الحالية في البلدان المتقدمة والتي تتصف باستصلاح المناطق الغير زراعية والاستعمال الواسع الانتشار للعلم والتكنولوجيا في عمليات الإنتاج الزراعي
. ومن بين هذه المعطيات الحديثة ظهرت الأسمدة الكيميائية .
إن الانتقال من مرحلة ما قبل الزراعة الصناعية ، والتي تميزت بمعدلات سنوية متزايدة على المدى الطويل في المردود الزراعي بحوالي % 1 إلى الزراعة الحديثة الحالية والتي اتصفت بنسب نمو للمردود الزراعي بنسبة 2-4 % هذا الانتقال سعى للتغلب على المشاكل الخاصة بخصوبة الأرض والتي ذكرت سابقاً في موقع الهندسة الزراعية.
وعلى الرغم من إحراز بعض التقدم في هذه الفترة عن طريق اتباع الدورات الزراعية المكثفة والدمن الأخضر إلا أن التأثير الشامل في مجال زيادة إنتاج المواد الغذائية قد تَّم من خلال زيادة استعمال الأسمدة الكيميائية .