امراض النباتات - مذكرات تخرج

تأثير التلوث بالزئبق على انتشار فطريات التربة بمنطقة عزابة

1
(1)

إن كمية الزئبق التي تحركت وتحررت إلى داخل الغلاف الحيوي تزايدت منذ عصر النهضة الصناعية. وبينت تقديرات تدفق الزئبق من كل من المصادر الطبيعية والبشرية أن انتشار الزئبق من المصادر البشرية قد تجاوز المصادر الطبيعية ( Masonو آخرون، 1994). أغلب الزئبق في الغلاف الجوي يكون على الصور المعدنية التي تتحرك داخل الغلاف الجوي وبالتالي يمكن أن تنتشر على بعد آلاف الكيلومترات مؤدية إلى تلوث كل من التربة والمسطحات المائية. إن كمية الزئبق المتحررة نتيجة النشاط البشري قد انخفضت نتيجة لمنع استخدامه في بعض المسارات الصناعية وتوقف انبعاثه من بعض المناجم القديمة  .(Biesterوآخرون 2002) أثناء حركة الزئبق بين كل من الغلاف الجوي والغلاف الأرضي والغلاف المائي فإنّه يخضع لسلسلة من التحولات الفيزيائية والكيميائية المعقدة مثل الميثلة الحيوية واللاّحيوية أو الأكسدة مما يزيد من مدى سمية هذا المعدن ومعدل تيسره الحيوي. يمثل الحرق البارد وحرق الفضلات أحد مصادر انتشار الزئبق الهامة من مصانع الكلور والصودا الكاوية التي تستخدم الزئبق المعدني في عملية التحلل الكهربائي أثناء انتاج الكلور. بينت العديد من الدراسات أنه بالرغم من أن الزئبق المنبعث من المصانع ينتشر على مسافات بعيدة ولا يترسب حول بجوار المصانع سوى كميات قليلة إلاّ أن التربة المجاورة لهذه المصانع تحتوي على تراكيز من الزئبق تصل إلى 75مرة ضعف القيم المرجعية. كما أن الزئبق المترسب في التربة يتعرض للعديد من التحولات البيولوجية والكيميائية مثل أكسدة ° Hgواختزال + Hg2أو الميثلة و التي تعتمد على حموضة التربة و
الحرارة ومحتوى التربة من حمض الهيوميك .(1993 ،Weber) إن حركة الزئبق في التربة من خلال تكوين مركبات زئبق لا عضوية ذائبة مثل )Hg(OH و HgCl2 ذات أهمية نسبية في وجود المادة العضوية وذلك نتيجة الارتباط القوي للزئبق بالمواد الدبالية. إذ أن تكوين معقدات الزئبق تمثل الأنظمة الأكثر سيادة نتيجة ألفة ) Hg(IIومركباته غير العضوية إلى المجاميع الوظيفية المحتوية على الكبريت. فمن جهة فإن هذا السلوك في تكوين المعقدات يحد بقوة من حركة الزئبق في التربة وذلك لأن أغلب الزئبق في التربة يكون مثبتا بالمادة العضوية وبالتالي لا يكون متحركا إلاّ من خلال التمليص من خلال ارتباطه التربة المعلقة والدبال.

ومن جهة أخرى فإن Hg(II)  يمتص جزئيا في مركبات التربة العضوية مثل أحماض fulvic وبالتالي يمكن أن ينتشر جزئيا في الطور الذائب. إلاّ أن معدل توضع الزئبق من الغلاف الجوي إلى التربة يفوق معدل غسيله من التربة لذا فإن توزيع الزئبق يمثل جزءا صغيرا من كمية الزئبق المخزنة في التربة. بالرغم من أن الزئبق يتميز بزمن احتباس كبير في التربة إلاّ أنّه يمكن أن يتحرر إلى أسطح المياه مع مرور الزمن، وعليه فإن استمرار تدفق الزئبق من المصدر البشري يؤدي إلى تلوث المحيط البيئي وقد أوضحت التقديرات الحديثة أن حوالي % 95من الزئبق ذو المصدر البشري يبقى في التربة الأرضية ).(1997 ،EPA يمثل الزئبق أحد المعادن الثقيلة الشديدة السمية؛ وقد أعتبر ملوثا عاما نظرا لإمكانية تحركه لمسافات بعيدة عبر الجو وتراكمه الحيوي ) Morrno-Jiménezوآخرون، ،(2006 لذا أوليت دراسة سلوكيات الزئبق في المحيط العالمي اهتماما كبيرا منذ ثمانينات القرن العشرين ) Wangوآخرون، .(2003بعد انتشار الزئبق لمسافات معينة في الجو فإنه يعود ثانية إلى التربة من خلال الترسب الرطب أو الجاف حيث أن أكثر من % 90منه يدخل إلى النظام البيئي الأرضي وتصبح التربة الحاضن الأكبر للزئبق ) (1995 ،Fitzgeraldويـوجد الزئبق في الغلاف الجوي أساسا على صورتين رئيسيتين هما الزئبق المعدني )° (Hgومركبات الزئبق الثنائي التكافؤ وكل منها يكون في الحالة الغازية أو مرتبطا بالجسيمات ) Lindqvistوآخرون، ،(1991وعموما فإن الزئبق العضوي أكثر سمية بالنسبة للأحياء من الصور غير العضوية، إلاّ أنه في بعض الظروف الخاصة فإن الصور غير العضوية يمكن أن تتحول إلى الصور العضوية ) (1976 ،WHOوأهمها تحول الزئبق من الصور غير العضوية إلى مثيل الزئبق الذي يمثل الصورة الأكثر خطورة والتي تكون وراء التسمم
البشري الحاد والمزمن بسبب تميزها بمعدل التراكم الحيوي العالي الناتج عن قابلية ذوبانها بالأغشية الحيوية (1976 ،WHO). عند تراكم المعادن الثقيلة في الخلايا الفطرية فإن سميتها تؤِدي إلى تثبيط النمو، ويعتمد بقاء الخلايا على قدرتها على تنظيم التركيز الداخل خلوي لأيونات المعدن. تستطيع العديد من الفطريات
تخزين وتحمل تراكيز عالية من المعادن الثقيلة ) Mierschوآخرون، ،(2001وتتضمن الاستجابات البيوكيميائية ترسيب المعادن في الجدر الخلوية أو ربطها مع مركبات أخرى او التقليل من النفاذية الغشائية أو زيادة تدفق هذه المعادن الثقيلة أو مخلبتها داخل السيتوزول ونقلها إلى داخل الفجوات العصارية ) Owوآخرون،.(1998
في الجزائر أقيم في السبعينات ) (1970sمصنع لاستخلاص الزئبق بمنطقة عزابة بالشرق الجزائري والذي يتم استخراجه من مناجم كبريتيد الزئبق ) (HgSالموجودة بالمنطقة. يتم الحصول على الزئبق المعدني من خلال أكسدة كبريتيد الزئبق هوائيا على درجة حرارة 800م° حيث يتحول الزئبق إلى الصورة المعدنية الغازية التي يتم تكثيفها وتمييعها إلى الصورة السائلة عن طريق إمرارها في أنابيب تبريد ثم يجمع في قوارير خاصة للتسويق، أما الكبريت فيتحد في ظروف هذا التفاعل مع الأكسيجين مكونا ثاني أوكسيد الكبريت ) (SO2الذي يتطاير مع المخلفات الغازية الناتجة من التفاعل عبر مدخنة الفرن الحراري الخاص بعملية الصهر. وعلى أساس هذا التفاعل يتم الحصول على % 95من الزئبق المعدني المتواجد ضمن صخور الـ HgSبينما تتلاشى % 5على صورة مخلفات غازية وصلبة يتم تفريغها في المحيط البيئي المجاور.

و قد تم غلق هذا المصنع منذ سنة 2004إلاّ أن عملية التصنيع هذه والتي دامت لما يزيد عن الثلاثين سنة قد خلفت آثارا بيئية لا زالت تعاني منها هذه المنطقة والتي تعتبر من أهم المناطق الزراعية بالشرق الجزائري. وتهدف هذه الدراسة إلى إجراء تقييم للتأثير الذي خلفه التلوث بالزئبق على فطريات تربة الأراضي الزراعية المجاورة لبقايا المصنع بعد توقف نشاطه، ولتحقيق هذا الغرض فقد أخذت الدراسة المراحل التالية :

  1. دراسة التوزيع العمودي والسطحي لتركيز الزئبق في تربة الطبقة السطحية (0-20 cm) وتحت السطحية (20-40 cm ) في 18موقعا تحيط بالمصنع.
  2. تحديد العلاقة بين تركيز الزئبق في التربة والخواص الفيزيائية والكيميائية للتربة من خلال الدراسة الإحصائية عن طريق تحليل المكونات الرئيسية  (APC)والانحدار الخطي.
  3. تحديد المواقع إلي يمكن اعتبارها لازالت تحت تأثير التلوث والمواقع التي يمكن اعتبارها خارج مجال التلوث من خلال تحديد الحد الأدنى لتركيز الزئبق المسموح به في تربة المنطقة والمبني على أساس خواص التربة.
  4. دراسة انتشار وترداد الفطريات على مستوى تربة الطبقة السطحية (0-20 cm )للمواقع المنتخبة.
  5. تحديد العلاقة بين تركيز الزئبق في التربة وترداد الفطريات على مستوى تربة الطبقة السطحية  (0-20 cm) للمواقع المنتخبة من خلال الدراسة الإحصائية عن طريق تحليل المكونات الرئيسية (APC ) والانحدار الخطي.
  6. تحديد الأنواع الفطرية الحساسة والمقاومة لعنصر الزئبق من خلال الدراسة المخبرية لتأثير كلوريد الزئبق على الفطريات التي تم عزلها من التربة.
  7. دراسة آليات المقاومة لدى الأنواع التي لها القدرة على تحمل ومقاومة الزئبق عن طريق دراسة تأثير التراكم الحيوي للزئبق بالميسليوم الفطري على كل من: الكتلة الحيوية، الأحماض الدهنية، الأحماض العضوية ، الأيضيات الثانوية، البروتينات، المركبات الثيولية، الإجهاد التأكسدي،
  8. دراسة آليات المقاومة لدى الأنواع التي لها القدرة على تحمل الزئبق على المستوى الجيني باستخدام تقنية الـRAPD-PCR
  9. تحديد هذا التأثير على مستوى مظهر الشكلياء من خلال الفحص المجهر الضوئي وعلى مستوى العضيات الخلوية من خلال الفحص بالمجهر الإلكتروني.
  10. وبغرض البحث عن إمكانية استخدام الكتلة الحيوية في التخلص من الزئبق الذي يلفظ مع مياه الصرف المتخلفة عن بعض النشاطات الصناعية للزئبق واستعادته للاستعمال مرة أخرى دون أن ينجم عن ذلك تلوث بيئي فقد أجريت دراسة حول الادمصاص الحيوي للزئبق بواسطة ميسيليوم الفطريات المقاومة ثم تحديد منحنيات التعادل الحراري التي يمكن أن تصف عملية الإدمصاص.

تحميل

 تحميل

هنا

او

 

هنا

ما مدى فائدة هذا المنشور؟

انقر على نجمة للتقييم!

متوسط التقييم 1 / 5. عدد الأصوات: 1

لا توجد أصوات حتى الآن! كن أول من يقيم هذا المنشور.

السابق
الادمصاص الحيوي للزئبق بواسطة الفطريات
التالي
الموطن الأصلي لنبات القمح

اترك تعليقاً