مقدمة :
الكينوا احد نباتات عائلة Amaranthaceae و الموطن الاصلى للكينوا هو جبال الانديز فى امريكا الجنوبية حيث زرعت من الاف السنين, ولقد كانت الكينوا أحد الأغذية الرئيسة لشعوب جبال الأنديز قبل عصر الإنكا حيث كان يتم تحميص الحبوب ثم طحنها حتى تصبح دقيقاً تصنع منه أنواع مختلفة من الخبز والعجائن، بل ويتم انتاج مشروب التشيتشا وهو المشروب التقليدي لسكان الأنديز منها.
وقد كانت الكينوا المحصول الرئيسى للتغذية حتى دخول الاسبان والذين قاموا باتلاف زراعات المحصول ظنا منهم انها محصول سحرى يمنح القوة للسكان الاصليين لمحاربتهم. كما يمكن إضافتها إلى الشوربة وعند طهيها تكون لها نكهة مميزة
و بدأت زراعات الكينوا في الإنتشار في أماكن أخرى من العالم, حيث تعتبر من المحاصيل الماكولة سواءا كحبوب جافة او كخضروات طازجة حيث تعد حبوبها الغنية بالبروتين والعناصر الغذائية الدقيقة كما تحتوي على جميع الأحماض الآمينيه الضروريه مصدر غذاء طبيعى عالى القيمة بالاضافة لمحتواها العالى جدا من البروتين (12 ٪ – 18 ٪) لذا فان كوب الكينوا به ثمانية جرامات بروتين سهل الهضم عن بروتينات اللحوم كما انها اقل احتواءا من الدهون كما تعد الكينوامصدرا جيدا للألياف والفوسفور وغنية بالمغنيسيوم والحديد,
وللكينوا فوائد صحية منها انها تعتبر طعاما مناسب لمرضى حساسيه الجلوتين لكونها خالية من الجلوتين, كما انها مناسبة أيضاً للذين يعانون من حساسيه اللاكتوز في حليب الابقار حيث يستخرج منها حليب الكينوا, اضافة إلى ذلك تعد الكينوا من الأغذيه الغنية بالآلياف وتعد حبوب الكينوا من الحبوب الغنية بالمغذيات الطبيعية والتي تزودالجسم بالطاقه ونظراً لفوائدها العديدة كانت تلقب بأم جميع الحبوب.
وقد بدأ الإهتمام بالكينوا بشكل كبير فى الثمانينات و بات لها دور ملموس فى تحقيق الامن الغذائى للاجيال الحالية وفى المستقبل ايضا،
وقد احتفلت الامم المتحدة بالكينوا وخصصت عام 2013 كعام دولى للكينوا وصرح المدير العام لمنظمة الاغذية والزراعة “فاو” جرازيانو دا سيلفا بأن “الكينوا يمكن أن تصبح حليفاً رئيسيّاً في الحرب على الجوع”، مشيراً إلى “الخواص الفريدة غذائيا لهذا النبات وقدرته الفائقة على التكيف”
ويرجع الفضل فى الحفاظ على الكينوا للممارسات المتوارثة لسكان جبال الأنديز، الذين تمكنوا من إدارة الكينوا وحفظها بحالتها الطبيعية كمادة غذائية مهمة للأجيال على مر العصور.
الوصف النباتي:
الكينوا نبات حولى يصل طوله 1 – 1.5 متر والنبات له ساق سميك قائم متفرع او غير متفرع ذو اوراق متبادلة, وأوراقه تشبه أوراق السبانخ ويحمل الحبوب فى شماريخ فى قمم الافرع تشبه الذره الرفيعه والحبوب صغيره الحجم قطرها 3مم وتشبه في شكلها حبة الدخن والحبوب والاوراق ذات الوان مختلفه كالابيض والاخضر والاحمر والازرق والبنفسجى والاسود وهذا اللون له ارتباط وثيق بنسبة مادة السابونين التي تصل من2 الي6% .
مواعيد الزراعة :
يعتبر شهر نوفمبر أفضل وقت لبدء زراعة الكينوا وتزرع بكثافة نباتيه قدرها 100 – 120ألف نبات /فدان ويعيش فى الارض من 90 – 120 يوما ويتم الحصاد فى منتصف ابريل حتى مايو.
الاحتياجات المائية:
يحتاج النبات من300 الي1000 مم من مياه المطر في السنة لنمو المحصول ولتكوين الحبوب وفي المناطق الجبلية المرتفعة لا يحتاج النبات الي كميات كبيرة من المياه للري ويكفي رطوبة الندي الصباحي وفى الاراضى المروية يحتاج المحصول الى 33% كميات مياه الرى اللازمه لمحصول القمح أى حوالى 1000م3 فقط .
وهناك سلالات مختلفة من الكينوا فبعضها يحتاج الي نهار طويل والاخري تحتاج الي نهار قصير ولهذه السلالات احتياجات حرارية مختلفة ونسبة من الرطوبة وينمو في مختلف انواع الاراضي إلا انه يجود في الاراضي الخفيفة جيدة الصرف.
انتاج الفدان:
يتراوح انتاج الفدان من2 الي2.5 طن من الحبوب فى الاراضى الجيدة فيما يصل الى حوالي 1- 1.5 طن تحت ظروف الاراضي الملحية والاراضى الفقيرة,
يتم الحصاد بقطع القناديل يدويا وفرك الحبوب وغسلها لإزالة مادة السابونين ثم تجفيفها.
استخدامات المحصول:
1 – الحبوب :
تستخدم حبوب الكينوا بعد طحنها لدقيق في صناعة الخبز نظرا لقيمتها الغذائيه فيمكن خلطها بنسبة 30% مع دقيق القمح والذرة لعمل الخبز إذ يعمل على تحسين مذاقه ورفع قيمته الغذائيه ويدخل الدقيق أيضا في عمل الكيك والرقائق والبسكويت والحلويات الأخرى ويفضل تحميص الحبوب قبل الطحن. كما تحمص الحبوب وتؤكل كالفشار وتستخدم الحبوب في الإفطار مثل البليلة وقد تضاف إلى الشوربة لإعطائها مذاق مميز.
- ملحوظة هامة : مراعاة غسيل الحبوب قبل الاستخدام فى الغذاء الادمى للتخلص من مادة السابونين.
وتستخدم مادة السابونين فى العديد من الصناعات وتدخل فى كثير من الأدوية.
2- الأوراق :
الأوراق ذات طعم جيد و تستخدم كغذاء خضر ورقى مثل السبانخ مع ملاحظة أنه يتفوق على السبانخ من حيث محتوى الكربوهيدرات والبروتين والأملاح المعدنية, وتشير الدراسات إلى وجود تأثير طبي مفيد لبعض الإمراض (إمراض المعدة-والحمى) ولكنها تحتاج لدراسة طبية مستفيضة.
كما تستخدم كمحصول علف أخضر ومركزات أوراق للماشيه والاغنام والدواجن إذ تتميز أوراقه بتواجد الاكسالات والنترات بكميات قليله ويستخدم كنبات علف جديد فى مصر، وعند مقارنته بالبرسيم نجد أن المادة الجافة فى الكينوا مماثلة وربما تزيد عن البرسيم، ونسبة البروتين فى الكينوا من 16 : 20 مقابل 13 فى البرسيم.
3- الزيت:
تصل نسبة الزيت من 8.5 – 9%. فى حبوب الكينوا, ويستخدم في الغذاء الادمى وهو يقارب فى قيمته الغذائية زيت الذرة ويتفوق عليه فى قدرته على البقاء دون تزنخ فترة أطول كما تتمتع الكينوا بعدم تواجد النسبة المتعاكسة بين كمية محصولها ونسبه الزيت به كما فى الحبوب الزيتية الأخرى.
الكينوا فى مصر :
تمت زراعة الكينوا فى مساحات تجريبية فى مصر فى منطقة نويبع و فى منطقة سهل الطينة وهى احد مناطق الاستصلاح المتأثرة بالملوحة وفى الاسماعيلية وبعض المناطق الاخرى حيث زرعت 13 سلاله من صنفين مختلفين أحدهما مبكر النضج والاخر متأخر النضج وقد نجحت زراعة كل من الصنفين ونضج المحصول فى الصنف المبكر من منتصف أبريل والاخرفى أول مايو وذلك نظرا لتميز الكينوا بالقدرة على التكيف مع مختلف المناخات وجميع حالات التربة لذاتنجح زراعتها فى المناطق الهامشية المالحة نظرا لتحملها مستويات الملوحة العالية والإجهاد البيئى كما ان استهلاكها قليل من الماء لذا فلا تحتاج كميات كبيرة من المياه حيث تنموا بكفاءة حتى فى البيئات الجافة ذات معدلات الأمطار التي تقل عن 200 ملم فقط
اهميةالكينوا:
تتسم الكينوا بكونها النبات الوحيد الذي يملك جميع الأحماض الأمينية الضرورية، والفيتامينات، والعناصر الغذائية الدقيقة وكذلك بقابليتها التكيّف مع مختلف المناطق البيئية والمناخية وذلك بفضل خواصها المقاومة للجفاف، وقدرة النمو في أراض فقيية عالية الملوحة كما انه في الإمكان زراعتها على مستويات مختلفة من منسوب سطح البحر إلى ارتفاعات من أربعة آلاف متر فضلاً عن تحملها درجات الحرارة بين ثمانية تحت الصفر و 38 درجة مئوية
علاقة الكينوا بتغيّر المناخ:
في ظل تغير المناخ وتاثيره على انتاجية محاصيل الحبوب الرئيسية مثل الارزوالقمح والذرة تعتبر الكينوا بديلاً مناسباً للدول التي تعاني من نقص الانتاج الغذائى الجيد نظرا لتنوعها الوراثي وقابليتها الكبيرة للتكيف مع الظروف الزراعية البيئية المختلفة، حيث تتمتع الكينوا بالإمكانات اللازمة لتقليص الاعتماد على الأغذية الأساسية الأخرى كالقمح والأرز بالإضافة إلى منافعها الثقافية والاجتماعية الاقتصادية للبيئة المحلية بالاضافة الى خصائصها الغذائية ومميزاتها كطعام ذو نوعية جيدة تكفي لإطعام سكان العالم في ظل التغيرات المناخية التى يشهدها العالم.
كما تتحمل الكينوا النسب العالية من الملوحة وكذلك الجفاف ما يجعلها ملائماً للصحراء المصرية والكثير من الدول العربية.
الكينوا عالميا:
تنمو الكينوا بشكل طبيعي في جميع بلدان جبال الأنديز، من كولومبيا مرورا بالأرجنتين إلى جنوب تشيلي، وتعتبر الدول الرئيسية المنتجة للكينوا على مستوى العالم هى بوليفيا وبيرو والإكوادور وقد ازدادت المساحات المزروعة بالكينوا والإنتاج الإجمالي منها خلال الفترة 1992- 2010 الى ثلاثة أضعاف حيث وصل الانتاج في إقليم جبال الأنديز في 2009 نحو 70000 طن.
وفي مواجهة نقص إنتاج أغذية ذات نوعية جيدة تكفي لإطعام سكان العالم في ظل تغير المناخ بدات زراعة الكينوا فى الانتشار حتى اصبحت تزرع الآن في ما يزيد على 70 بلداً، من ضمنها فرنسا وإنجلترا والسويد والدنمارك وهولندا وإيطاليا. كما يجري تطوير زراعتها في كينيا والهند والولايات المتحدة وكندا.
وتتبنى منظمة الفاو الترويج لزراعة الكينوا كجزءاً مهما من استراتيجيتها لتشجيع زراعة المحاصيل التقليدية أو المنسية كوسيلة للإسهام في توفير الأمن الغذائي. وقد جاء هذا نتيجة إدراك حقيقة أن الانتاج المتواصل للمحاصيل المهجورة والمهملة يمكن أن يساعد في معالجة التحديات التي تواجه العالم في العصر الحديث.
وهناك دور محتمل أيضاً للكينوا في إطار مبادرة تحدي القضاء على الجوع “صفر جوعا”، ليس فقط لقيمتها الغذائية العالية بل أيضاً لأنها تُنتج على أيدي صغار المزارعين، الذين يواجه العديد منهم انعدام الفقرالغذائى حيث تهدف مبادرة “صفر جوعاً” إلى زيادة معدل الإنتاج ودخل صغار المزارعين، الذي سيستفيدون بالتأكيد طبقاً من انتشار الوعي العالمي ومستجدات الابحاث العلمية حول الكينوا.
كما ان استعادة المحاصيل المنسية يعتبر وسيلة فعالة لمواجهة انتشارالجوع وتعزيز التغذية الصحيّة إضافة الى توسيع استخدامها ليشمل مجال المستحضرات الصيدلية والمجالات الصناعية.
الخاتمة :
فى ظل ظروف قلة الموارد المائية المتاحة للزراعة فى مصر والكميات الهائلة التى يتم استيرادها من القمح والذرة لسد الفجوة الغذائية فان الاهتمام بزراعة الكينوا يمثل حلا مناسبا حيث تقدم الكينوا بديلاً ملائماً لتوفيرالأمن الغذائي وللتغلب على العديد من المشاكل التى تواجه مصرنا الحبيبة والمساهمة فى تقليل فاتورة استيراد الحبوب واستغلال الاراضى الهامشية وزيادة المساحة المزروعة .
د. وليد فؤاد ابوبطة
خبير التنمية المتكاملة