تعد الرياح من العناصر المهمة للحياة النباتية بوصفها أحد العوامل المتحكمة في نجاح أو فشل إنتاجية المحاصيل الزراعية، إذ تساعد الرياح الخفيفة السرعة في تنشيط فعاليات النبات الحيوية وعملية صنع الغذاء، وتمد النبات بغاز ثاني اوكسيد الكاربون اللازم لعملية التمثيل الضوئي وكذلك بغاز الأوكسجين اللازم لعملية التنفس، وتنقل الرياح حبوب اللقاح بين الإزهار المختلفة لإتمام عملية التقليح الطبيعي، وتساعد على تجديد الهواء المحيط بالنبات مما يقلل من نشاط الفطريات بسبب قلة الرطوبة في الهواء المحيط بالنبات والأوراق([1])، بينما تزيد الرياح الشديدة السرعة نسبة التبخر-النتح، وبهذا تنخفض الرطوبة النسبية للهواء المحيط بالنبات والرطوبة الأرضية ([2]).
وبذلك تتأثر العمليات الفسيولوجية والحيوية التي يقوم بها النبات، إذ تعمل تلك الرياح على ثني الأوراق مما يؤدي إلى ضغط المسافة البينية والفراغات الهوائية في الورقة، مما يسبب خروج ما بها من هواء مشبع ببخار الماء وعند رجوع الورقة لوضعها الطبيعي يدخل هواء جديداً أكثر جفافاً من سابقه، مما يؤدي إلى زيادة النتح ومن ثم ذبول أفرع النبات والأوراق وتساقطها([3]).
إذ يزداد هذا الضرر عند وجود ثمرة في النبات مما يؤدي إلى سحب الماء من الثمرة إلى أجزاء النبات، ويترتب على ذلك انفصال الثمار الناضجة عن النبات أو تفقد جودتها بسبب نقص الماء الموجود في أنسجتها، وعندما تكون الرطوبة الأرضية محددة فإن زيادة النتح تؤدي إلى موت النبات ولاسيما في فصل الصيف([4]).
وتؤثر الرياح السريعة أيضاً في التزهير، إذ تؤدي الى جفاف الإزهار وموتها وسقوط الثمار الحديثة العقد، وتعمل على تجفيف إفرازات المياسم وخفض قابليتها على استقبال حبوب اللقاح، فقد تتأثر محاصيل الخضر الصيفية ولاسيما القرع والطماطم بالرياح الشديدة السرعة إذ تؤدي تلك الرياح إلى استطالة قلم الزهرة قبل تفتحها وفشل عملية التلقيح وسقوط الإزهار بدون عقد، وتزداد حدوث الأضرار على المحصول خلال العشرين يوماً التي تسبق الحصاد.أما تأثير الرياح الشديدة السرعة في محاصيل الخضرة الصغيرة فقد تتمكن من تجاوز تلك الأضرار بتكوينها لأوراق جديدة نتيجة ما فقد منها([5]).
ولا يقتصر عمل الرياح على النبات بل تؤثر في الخدمة الزراعية إذ تجعل عملية الرش واستخدام الأسمدة الكيمياوية غير متجانسة مما يؤثر تأثيراً سيئاً في المحاصيل الزراعية.وتتأثر المحاصيل الصيفية بالرياح القوية مسببة لها أضراراً ميكانيكية، فضلاً عن الأضرار الفسيولوجية التي سبق الكلام عنها إذ يتسبب إلى ميلان سيقان النبات واضطجاعه وانحنائه نحو سطح التربة فقد يكون غير قادر على الاعتدال عند اشتداد الرياح، وتعمل أيضاً على تشابك الأغصان الحاملة للثمار وتكسرها وتساقط الأوراق وتمزقها.
ولا يقتصر عمل الرياح على ذلك بل تؤدي إلى بعض التحويرات في نمو المحاصيل إذ تجعل المحاصيل شاذة التكوين أو قد تجعل نموها غير متماثل عند تعرضها باستمرار لهبوب الرياح السريعة من اتجاه واحد، فقد تنمو البراعم في الاتجاه المحمي من الرياح وتنعدم البراعم من الناحية المعرضة للرياح الشديدة، وتعمل على تساقط الإزهار والثمار العاقدة، وتتوقف عملية الإخصاب، وتشوه الثمار وزحف الرمال باتجاه المناطق المزروعة في فصل الربيع مما يؤثر تأثيراً سلبياً على كمية الإنتاج ونوعيته ([6]).
ويظهر تأثيرها في علاقتها مع النباتات بالآفات الزراعية، إذ تقوم بنقل الأمراض النباتية، كما في الفطريات والبكتريا ولاسيما عند اشتداد الرياح الرطبة والحارة، وتعمل على احتكاك النباتات السليمة بالمريضة عن طريق سرعتها وحركتها، مما يؤدي إلى انتقال المرض من النباتات المريضة إلى السليمة([7])أما الرياح المحملة بالغبار والأتربة فيظهر تأثيرها في عملية البناء الضوئي والتنفس للنبات نتيجة لغلق المسامات بجزيئات الغبار وتسبب تلف وتمزق الأوراق والثمار، إذ يتوقف الضرر على حجم الغبار وذراته فقد يزداد تأثيرها تأثيراً سيئاً كلما كانت جزيئات الرمال ودقائقه صغيرة الحجم، إذ تعمل على جرح الثمار والتقليل من قيمتها الاقتصادية مسببة الكثير من الخسائر ومن ثم قلة في الحاصل مما يتسبب خسارة فادحة لمنتجي المحاصيل الصيفية([8]).
المراجع:
([1]) إبراهيم عبد الجبار المشهداني، مبادئ وأسس الجغرافية الزراعية، مطبعة دار السلام، بغداد، 1975، ص81 .
([2]) مجيد محسن الانصاري، عبد الحميد أحمد اليونس، غانم سعد الله حساوي، ووفقي الشماع، مبادئ المحاصيل الحقلية، مصدر سابق، ص138 .
([3]) فتحي مصطفى العزاوي،علم النبات، الجزء الثاني، دار تراث العلم، 1960، ص61-62.
([4]) حسن احمد البغدادي، فيصل عبد العزيز منسي، الفاكهة أساسيات إنتاجها، ط3، دار المعارف ، القاهرة، 1964، ص232.
([5]) أحمد عبد المنعم حسن، القرعيات، مصدر سابق، ص183-184.
([6]) السيد سعد قاسم، خيري الصغير، أسس إنتاج المحاصيل، ط1، مصدر سابق،
ص102، 105.
([7]) جورج.ن، أكريوس، علم أمراض النبات، ترجمة فياض محمود شريف، ط2، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة صلاح الدين، 1985، ص158 .
([8]) عبد العظيم أحمد عبد الجواد، نعمت عبد العزيز نور الدين، طاهر بهجت فايد، مقدمة في علم المحاصيل، أساسيات الإنتاج، مصدر سابق، ص46-48.
المصدر :
أشواق حسن حميد صالح 2009 . أثر المناخ على نمو و إنتاجية المحاصيل الصيفية في محافظة كربلاء .