استخدم مصطلح التعليم الإرشادي عام ١٨٧٣في انجلترا اعتماداً علي امتداد نشاط الجامعة لخدمة المجتمع المحيط بها بوضع برامج إرشادية تلبي احتياجات المزارعين في الوقت المناسب، أما في الولايات المتحدة الأمريكية فقد اعتمدت علي الأسس البريطانية فقامت جامعة شيكاغو عام ١٨٨٥بعمل أول وثيقة توضح فلسفة الإرشاد الزراعي.
وقامت فكرة العمل الإرشادي اعتماداً علي التعليم الزراعي وفكرة تبني المستحدثات الزراعية، وتلبية احتياجات الجمهور الزراعي المستهدف. وتوالت الجهود في باقي دول العـالم المتقدمـة والنامية علي السواء.
وبقدر تنوع المجتمعات التي طبقت مفهوم الإرشاد الزراعي تعددت تعريفاته في كل بلد ووفقاً للهدف من تطبيقه ومدي إمكانية تحقيقه، وإن كانت غالبيتها لم تختلف في جوهرهـاً بـل كـان الإختلاف في التركيز علي جانب معين من جوانب مفهوم الإرشاد الزراعي بما يتفق مع طبيعة ما يطبق فعلياً من ذلك المفهوم.
وقد عرف ” سيمان ناب ” Knappالإرشاد الزراعي علي أنـه ” نظـام لتعـديل الزراعـة ووضعها علي أساس الربح ولإعادة إنشاء المنزل الريفي لتحسين الحياه الريفية وجعلهـا أكثـر رفاهية .”
كما عرفه ” كيلزي وهيرين ” Kelsey & Hearneبأنه ” جهاز تعليمي غير مدرسي يتعلم فيه الكبار والشباب بالممارسة ) أي بالعمل ( لمواجهة احتياجاتهم وتسهيل حل مشكلاتهم” .
في حين عرفه ” برادفيلد ” Bradfieldبأنه ” عملية تعليمية غير مدرسية لتعليم الريفيين كيفية الإرتقاء بمستوي معيشتهم بجهودهم الذاتية وذلك بالإستغلال الحكيم لمصادر ثرواتهم لصالح الفرد والأسرة والمجتمع” .
وعرفة ” ليجانز ” Leagansبأنه العملية التي يتم عن طريقها نقل الأفكار الجديدة إلي الريفيين مع حثهم علي تطبيقها”.
ويراه ” شانج ” changeبأنه ” خدمة تعليمية غير مدرسية لتدريب الزراع والتأثير عليهم هم وأسرهم بغرض تبني الأساليب والأفكار الزراعية المستحدثة في الإنتاج الزراعي وأيضـاً فـي التسويق والإدارة المزرعية وفي المحافظة علي التربه”.
وكان للعلماء العرب المتخصصين في الإرشاد إسهاماً في تعريف الإرشاد الزراعـي حيـث عرفه ” خليفة ” بأنه عملية تعليمية بحتة موجهه إلي الفلاح في حقله أو منزله أو في أي مكان في القرية، وهو يوجه بصفة خاصة إلي من لم يسعدهم الحظ بالتعليم المدرسي ومن يريدون المزيـد من المعرفة خارج جدران المد ةرس . وهو يشمل الزراعة وما يتعلق بها مع التأكيد علي المشكلات والرغبات الماسة”.
ويري ” عبد الغفار ” أن الإرشاد الزراعي ” ما هو إلا عملية تعليمية تنفيذية تعاونية متكيفـة ومتصله في ظل تنظيم إرشادي يهتدي بفلسفة ومباديء متوازنة ويستثمر دوافع الـزراع بتقـديم حوافز خاصة، ويوصل لهم مختلف المعلومات المفيدة لكل من المزرعة والمنـزل ويسـهم فـي تعلمها والثقة بها وتنفيذها وإزالة عقبات التنفيذ الذ يتم بجهود ذاتية أساساً وبمساعدة بسيطة لتحقيق تغيير في اتجاهات وسلوك الزراع، يحقق كفاءة استخدام الموارد حالياً وتطويرها مستقبلاً بهـدف إسعاد الريفيين ومجتمعهم ووطنهم” .
ورغم تعدد تلك التعريفات إلا أن من أكثر تلك التعريفات شمولاً هو تعريف ” عمر وزملاءه” للإرشاد الزراعي حيث عرفوا الإرشاد علي أنه ” تعليم غير مدروس يقوم به جهاز متكامل مـن المهنيين والقادة المحليين مهتدياً في ذلك بفلسفة عمل واضحة لغرض خدمة الـزراع وأسـرهم وبيئتهم، لمساعدتهم علي مساعدة أنفسهم وفي استغلال الإمكانيات المتاحـة وجهـودهم الذاتيـة وتوجيهها لرفع مستواهم الاقتصادي والاجتماعي عن طريق إحداث تغييرات سلوكية مرغوبة في معارفهم ومهاراتهم واتجاهاتهم”.
ويلاحظ من التعريفات السابقة التركيز علي عدة جوانب وهي:
أن الإرشاد الزراعي:
– عملية تعليم غير مدرسية رسمية (بعيداً عن التعليم المدرسي الرسمي) فهو أحـد أنـواع تعليم الكبار.
– يهدف أساساً إلي تطوير وتقدم المزارعين بمساعدتهم علي مساعدة أنفسهم لتحسين مستوي معيشتهم باعتبارهم غايات ووسائل التنمية بالارتقاء بعناصر صناعة الزراعة.
– يقوم به جهاز مهني مستقل من الإرشاديين والقادة المحليين.
– خدمة تعليمية ترشيدية تقدم للكبار من سكان الريف (كل أفراد الأسرة من زراع وشـباب ومرأة ريفية).
– أنه عمل ميداني تطبيقي أكثر منه عمل علمي أكاديمي.
– يعتمد علي التنسيق والتكامل بين مجالات الترشيد الزراعـي التطبيقـي والتخصصـي والبحثي.
– ينبثق من اهتمامات واحتياجات الزراع الملحة لضمان تقبلهم له ومشاركتهم إيجابياًَ فـي أنشطته.
مو ما سبق يتبين أن الإرشاد الزراعي لا يركز علي تقديم معونات أو حوافز مالية للزراع بل يركز علي تقديم خدمة تعليمية إرشادية تساعد جمهور الزراع المستهدفين لبلوغ أهـدافهم مـن خلال تحسين مهاراتهم للإستفادة منها في بعض الممارسات الزراعية وصـولاً لزيـادة دخـولهم وتحسين مستواهم المعيشي ونذكر هنا المثل الذي يقول ” من علمني صيد السمك خير ممن أعطاني سمكاً” حيث أنه من يعطي منحة عينية أو نقدية قد تكون مفيدة في لحظتها أ) عطاني سمكاً كي آكل
في لحظتها( أما من يعلمني مهارات جديدة أستطيع الإستفادة منها مستقبلاً (علمني صـيد السـمك بالطريقة السليمة فكلما شعرت بالجوع ذهبت واصطدت سمكة )اًكم فكأنما أعانني علي سد حاجتي اليوم وغداً.
ولن يتأتي ذلك إلا إذا حدثت تغيرات إيجابية في سلوك الأفراد فيما يتعلق بزيادة مسـتوي معارفهم ببعض الأمور المرتبطة بالعمل الذي يمارسه، ولكن مجرد المعرفة وحدها لا تكفي والأهم هو كيف يحول هذه المعرفة إلي سلوك تنفيذي (؟ يستطيع القيام به بنفسه) زيادة مهاراته العقلية ( الذهنية ) والمهارة الحركية ( لتنفيذية )حتي يستطيع الإستفاة من مما تعلمه. أمـا التغيـر فـي السلوك الشعوري أي اتجاهات واهتمامات وميول الزراع إيجابياً نحو الأفكار الزراعيـة الجديـدة وتخفيف الاتجاه السلبي نحو تلك الأفكار ونحو الإرشاد الزراعي بشكل عام .
وليس التعليم الإرشادي الزراعي طريقة تعليمية فقط بل هو مادة إرشادية يـتم معالجتهـا بأسلوب معين بهدف الوصول بها إلي تحقيق أهداف محددة في التنمية، وبالتالي إلي غاية التغييـر السلوكي التنفيذي والاتجاهي التفكيري لدي جمهور المسترشدين (الزراع الذين يستهدف الإرشـاد الزراعي التعامل معهم).
٤وليس للمادة الإرشادية الزراعية منهج تعليمي معين يجب استكماله كمـا يحـدث بالمـدارس )استكمال مقرر معين خلال عام دراسي ،( ولكنه محتوي علمي تم وضعه في قالب يتناسـب مـع طبيعة الجمهور المستهدف بهدف تغيير سلوكهم، ويتم معالجة هذا المحتوي معالجة مختلفـة عـن معالجة المقررات الدراسية نظراً لاختلاف طبيعة الجمهور المستهدف في كلتا الحالتين.
والإرشاد الزراعي الناجح هو الذي يبحث في مشكلات الزراع ويعيد ترتيبها في ضوء أهميتها للزراع، ويحاول إيجاد حلول لها ومعالجة تلك الحلول الفنية إرشادياً وتبسـيطها وجعلهـا أكثـر وضوحاً بما يسهل علي الزراع تفهمها ويدفعهم لزيادة معارفهم وخبراتهم منها، مما يساعد الزراع علي حل مشكلاتهم اعتماداً علي ما يتاح لديهم من إمكانيات ذاتية.
تحميل الكتاب كامل PDF هــنــا
او
كلمة السر لفك الضغط