تتضمن معظم سياسات التنمية الاقتصادية العديد من الأهداف الأساسية والفرعية ويمكن توضيح الأهداف الرئيسية لها كالآتي، اعتمادا على ماجاء في مقررات لجنة الزراعة في الفاو التي وضعت في بداية الألفية، وتعتبر هذه اللجنة من الأجهزة الرئاسية في منظمة الأغذية والزراعة وتعطي توجيهات عامة تنظيمية ومتعلقة بالسياسات حول قضايا الزراعة وادارة الموارد وغيرها.
أولا:- توفير الظروف العامة المواتية للتنمية الاقتصادية، إذ يقتضى توفير قدرٍ من الاستقرار والطمأنينة لدفع رؤوس الأموال للدخول في المجالات الاستثمارية،كما يقتضي الابتعاد عن السياسات المالية والنقدية المؤدية إلى الانكماش أو التضخم، وبالتالي زيادة اللايقين وعدم الثقة وعدم الدقة في القرارات الاقتصادية المتعلقة بالاستثمارات الحكومية بالخصوص،فضلا عن تقلبات أسعار الصرف و التي تؤدي في مجملها إلى تعطيل تنفيذ البرامج التنموية.كما تستهدف تلك الظروف تحقيق قدرٍ من العدالة الاجتماعية والحد من اللامساواة في توزيع الدخول،كما يتطلب أيضا التوسع في تنفيذ البرامج التعليمية والارشادية والتمهينية لتحقيق المهارة والسلوك الوظيفي كي يساعد على تنفيذ برامج التنمية الزراعية.
ثانيا:-قيام السياسة الاقتصادية بتنفيذ برامج استثمارية في النشاطات الاقتصادية المختلفة. بحيث يشمل كافة آفاق الطاقة الإنتاجية للاقتصاد الوطني وبمعنى آخر توظيف كافة الموارد الاقتصادية في مجال استخدام الكامل.
ثالثا:-خلق الأساليب الممكنة لتسريع النشاط الخاص في مجال التنمية الاقتصادية. ولتحديد أهداف التنمية الاقتصادية الزراعية في الدول النامية لابد من التعرف على طبيعة الموارد الاقتصادية المتاحة.إذ غالبا ما ترتبط عملية التنمية الاقتصادية الزراعية في الدول المذكورة بأهداف طموحة تبتعد عن حدود الموارد الاقتصادية المتوفرة وإمكاناتها،و أيا كانت الأساليب التنموية المستخدمة سواء بالاعتماد على قوة السوق أومن خلال النماذج التخطيطية فإنها سوف تحقق أهدافا غير واقعية.ولذا يقتضي على واضعي السياسة الزراعية دراسة أهداف التنمية الزراعية والتنمية الاقتصادية الوطنية وتوفير الموارد والمتطلبات لتحقيقها وعدم التعارض بين أهداف التنمية الزراعية وبين أهداف التنمية الاقتصادية الوطنية بكافة نشاطاتها الإنتاجية،كما يجب أن يشترك في وضع الأهداف وتحديدها كل من الفاعلين التقنيين والاقتصاديين فضلا عن الإداريين من ذوي الخبرة والدراية ومما لاشك فيه أن خطط التنمية الزراعية الرشيدة هي التي تحدد أهدافها بوضوح وببساطة.
و بذلك فان توضيح وتحديد أهداف التنمية الاقتصادية الزراعية يساعد على التنفيذ وفق وسائل مبرمجة وواضحة، بينما يخلق غموض الأهداف وعدم تحديدها إرباكاً في عملية التنفيذ، ويطيل الزمن المحدد للعملية المذكورة. وكما سبق ذكره فان تحديد الأهداف يتطلب وضعها وفق الإمكانات المتاحة والممكن استخدامها،ثم تحديد أهداف التنمية الزراعية وفق جدول زمني،فإذ الم يتوافر ذلك القدر المناسب لاستخدامه كمدخلات للوصول إلى الهدف لسبب أو آخر،فانه يقتضى تغير الهدف بما يتناسب ويتوافق والموارد المتاحة أو الإبقاء على الهدف المحدد في برامج التنمية الزراعية، إذ من الملاحظ في العديد من الخطط التنمية الزراعية أن تضع هدفا أساسيا للتنمية ثم أهدافا بديلة، ففي حالة حدوث ما يعوق تحقيق هدف أساسي فانه يستبدل بهدف آخر استكملت دراسته بصورة دقيقة،ومن هنا فان المشكلة الأساسية بحسب تقرير الفاو، 2010في تحديد الأهداف هو:
أولا:التعرف على الموارد المتاحة وتحديد أهداف النمو الاقتصادي الزراعي وفق الموارد المتاحة والممكن استخدامها.
ثانيا:الأخذ بعين الاعتبار المتغيرات المتوقعة في حجم الموارد المتوقع استخدامها بتوفير أهداف بديلة سواء من حيث التحقيق الكمي للناتج أو من حيث طبيعة استخدام الموارد وبدائله الممكنة. وبذلك تصبح برامج التنمية الاقتصادية الزراعية أسلوبا رشيدا لتحقيق أهداف السياسية الزراعية إذا احتسبت كافة الاحتمالات والتغيرات الممكن حدوثها سواء قبل بدء البرنامج أو خلال فترة التنفيذ.
أما من حيث فترة التنفيذ أو المدى الزمني لبرامج التنمية الاقتصادية الزراعية فقد أظهرت العديد من الدراسات للتجارب التنموية إن إطالة فترة البرنامج أكثر من خمسة سنوات قد يصبح من الصعب معه تحديد التوقعات والمتغيرات الاقتصادية الكلية من ناحية، و أن إطالة فترة برنامج التنمية أكثر من المدة المحددة قد يفقد اهتمام الأفراد بالأهداف المحددة من ناحية أخرى.
ويجب الإشارة إلى أن نوعية الأهداف تختلف من بلد إلى آخر في ضوء العديد من المتغيرات كطبيعة الموارد المتاحة ونوعية النشاط الاقتصادي الذي يغلب في أهميته النسبية على اقتصاد الدولة وطبيعة المرحلة الاقتصادية التي تمر بها الدولة وكذلك طبيعة الظروف الاجتماعية و المُهيئة لعملية النمو الاقتصادي.وبصورة عامة فان معظم البرامج التنموية للزراعة تستهدف المتغيرات التالية :
أولا: زيادة إجمالي الناتج الزراعي بصورة عامة وفقا لطبيعة الطلب على المحاصيل الزراعية المختلفة ومتطلبات التجارة الخارجية للمنتجات الزراعية.سواء من خلال التوسع في رقعة زراعية قائمة أو تطوير إنتاجية المزارع القائمة.
ثانيا:الارتفاع بمستوى الدخل الفردي في القطاع الزراعي سواء من خلال التوسع في المشاريع القائمة أو تنوعها من الناحية الإنتاجية وتخصصها عبر الفروع النباتية والحيوانية.
ثالثا: إتاحة الفرصة للوصول إلى التشغيل الكامل للعمل الزراعي وإحداث التكامل بينه وبين القطاع الصناعي، والقضاء على ظاهرة البطالة بأشكالها المختلفة.وذلك من خلال توسع الاستثمار في المجالات المختلفة كاستصلاح الأراضي وإقامة مشاريع الري والتوسع في زراعة المحاصيل كما تؤدي المتغيرات المذكورة إلى التقليل من هجرة القوة العاملة من القطاع الزراعي إلى القطاعات الاقتصادية الأخرى.
رابعا: العمل على زيادة إنتاجية الموارد الاقتصادية الزراعية المستخدمة وخاصة كفاءة العمل الزراعي.إذ غالبا ما يتسم العمل الزراعي في الدول النامية بانخفاض كفاءته مقارنة بمثيله في الدول المتقدمة ويتأتى ذلك من خلال التدريب المهني وبرامج الإرشاد والتحسين ومتابعة الأساليب العلمية في العمليات المزروعة.
خامسا: الاهتمام بالبيئة الريفية وذلك من خلال التوسع في إنشاء البنى التحتية والمرافق ،وكذلك مراكز محو الأمية ومراكز إرشاد المرأة الريفية ومراكز الإرشاد الزراعي، مما يسهم في تطوير وتقدم المجتمعات الريفية، والتقارب بينها وبين المجتمع الحضري،وذلك للتقليل من الفوارق الحضارية بينهما من ناحية، والارتفاع بمستوى التنمية في الريف من ناحية أخرى.
سادسا: تطوير الثروة الحيوانية وزيادة منتجاتها وتطوير تصنيع المنتجات الحيوانية والنهوض بأساليب تسويقها إذ يعتبر متوسط نصيب الفرد من المنتجات المذكورة كالحليب مقياسا أو دليلا على تقدم الصحة الفرد وكفاءته.
سابعا: حماية البيئة من التلوث من الأهداف الأساسية في سياسات التنمية الاقتصادية إذ غالبا ما تؤدي صناعة المدخلات الزراعية والصناعات الغذائية كمشاريع تربية الدواجن أو تسمين حيوانات اللحوم والصناعات التعليبية إلى تأثير على البيئة وتلوثها بالفضلات الناتجة عن تلك المشاريع ، مما تتطلب شروطاً خاصة تبعدها عن تلوث البيئة وحمايتها من الآثار المتوقعة عن ذلك التلوث.
كما تستهدف سياسة التنمية الزراعية معالجة تضارب الأهداف عن طريق الأولويات، حيث أن التوسع في زراعة المحاصيل الصناعية مثلا يكون على حساب الرقعة الزراعية للحبوب أو محاصيل الخضر،وربما أن التوسع في زراعة الفاكهة سيكون على حساب الرقعة الزراعية للخضر وهكذا،أو أن التوسع في تربية الأغنام سيكون على حساب تربية الأبقار في ضوء محدودية المصادر العلفية.
ويجب أن لا يغيب عن الذهن أن تحقيق الأهداف المذكورة يتطلب العديد من الشروط أهمها أن تكون المشاريع المقترحة في البرامج التنموية ذات مواصفات اقتصادية وتقييمها وفق معايير تقويم المشاريع الزراعية وكذلك توفير المتطلبات التكميلية لها كالمواصلات و الأسواق .
كما أن للبحوث التطبيقية ووسائل الزراعة المتقدمة وتوفير المستلزمات المالية اللازمة لتنفيذ المشاريع التي افترضتها خطة التنمية الزراعية دورها.هذا فضلا عن توفير الشروط التنظيمية والتنسيق بين الأجهزة المختلفة المُشاركة في تنفيذ برامج التنمية الزراعية للوصول إلى تحقيق الأهداف سواء من الناحية الكيفية أو الكمية فضلا عن دقة التحديد الزمني لتحقيق تلك الأهداف.
المصدر:
سالت, محمد مصطفى (2017) التنمية الزراعية المستدامة و رهان الأمن الغذائي في الجزائر. من خلال شعبة القمح.
Doctoral thesis, Université Mohamed Kheider- Biskra.
تحميل الملف كامل بصيغة PDF